وما عدا هذا فضلال وتحكم في دين الله تعالى بالباطل * والعجب كله من إباحة أبي حنيفة ومن قلده دينه ما قد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على النهى عن من بيع الرطب بالتمر. وبيع التمر بالتمر. وتحريمه ما لم يحرمه الله تعالى قط ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا جاء قط عنه نهى من بيع الجوز على رؤس أشجاره بالجوز المجموع، وهذا عجب جدا! وما رأينا قط سنة مضاعة الا والى جنبها بدعة مذاعة ونعوذ بالله من الخذلان * واحتجوا أيضا بان قالوا: لا يخلوا الرطب. والتمر من أن يكونا جنسا واحدا أو جنسين فإن كانا جنسا واحدا فالتماثل في الجنس الواحد جائز لا باحة رسول الله صلى الله عليه وسلم التمر بالتمر مثلا بمثل وإن كانا جنسين فذلك فيهما أجوز لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد) * قال أبو محمد: فنقول لهم: الذي أباح التمر بالتمر متماثلا يدا بيد وأمرنا إذا اختلفت الأصناف أن نبيع كيف شئنا إذا كان يدا بيد هو الذي نهانا عن بيع الرطب بالتمر جملة. وعن بيع التمر بالتمر، وأخبرنا أنه الربا وليست طاعته في بعض ما أمر به واجبة وفى بعضه غير واجبة هذا كفر ممن قاله بل طاعته في كل ما أمر به واجبة لكن يا هؤلاء أين كنتم عن هذا الاستدلال الفاسد الذي صححتموه وعارضتم به سنة الله تعالى ورسوله عليه السلام؟
إذ حرمتم برأيكم الفاسد بيع الدقيق بالحنطة أو بالسويق جملة فلم تجيزوه لا متفاضلا ولا متماثلا. ولا نقدا. ولا نسيئة. ولا كيلا. ولا وزنا، وهلا قلتم لأنفسكم: لا يخلوا الدقيق والحنطة. والسويق من أن تكون جنسا واحدا أو جنسين أو ثلاثة أجناس، فإن كانت جنسا واحدا فالتماثل في الجنس الواحد جائز لإباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحنطة بالحنطة مثلا بمثل، وإن كانت جنسين أو ثلاثة فذلك فيها أجوز لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد) فهذا المكان أولى بالاعتراض وبالرد وبالاطراح لاقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكمه، فقال قائل منهم: التفاضل في الدقيق بالحنطة موجود في الوقت وأما في الرطب بالتمر فلا يوجد إلا بعد الوقت فقلنا: فكان ماذا لو كان ما قلتم حقا؟ ومن أين وجب مراعاة التفاضل في الوقت أو بعده؟ فكيف والذي قلتم باطل؟ لان المماثلة بالكيل موجودة في الرطب بالتمر كما هي موجوده في الدقيق بالسويق. وفى الدقيق بالحنطة في الوقت فلا تفاضل فيهما أصلا وإنما كان التفاضل موجودا في الدقيق بالسويق فيما خلا وبطل الآن ولا يقطع أيضا بهذا فبطل فرقكم الفاسد، وأيضا فإنما أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم التمر بالتمر مثلا بمثل، وبالمشاهدة ندري أن الرطب ليس مثلا للتمر في صفاته * واحتجوا أيضا بأن قالوا: بيع التمر الحديث بالتمر القديم جائز وهو ينقص