النبي (1) صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه في مكانه حتى ينقلوه * ومن طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة.
ومحمد بن عبد الله بن نمير قال ابن أبي شيبة: نا علي بن مسهر، وقال أبو بكر: نا أبى ثم اتفق علي بن مسهر. وعبد الله بن نمير كلاهما عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: (كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه (2)) فهذا يبين أن البيع كان في السوق الا أنه في أعلاه وفى الجزاف خاصة فنهى المشترون (3) عن ذلك، واحتج أيضا بعضهم بشئ طريف جدا وهو أنه ذكر رواية عن هشام القردوسي عن ابن سيرين عن أبي هريرة وفيه فمن اشتراه فهو بالخيار، وقال: إن هذا اللفظ يوجب الخيار للمشترى أيضا * قال أبو محمد: وهذا مما جروا به على عادتهم الخبيثة في الايهام والتمويه بأنهم يحتجون وهم لا يأتون بشئ لان هذا الذي قاله هذا القائل باطل ولو جاء بهذا اللفظ لكان مجملا تفسره رواية أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة لهذا الخبر نفسه وان الخيار إنما هو للبائع وهكذا قال أبو هريرة. وابن سيرين في فتياهما، ثم هبك لو صح خيار آخر للمشترى فأي منفعة لهم في هذا؟ وهم لا يقولون بهذا، فلو كان ههنا حياء. أو ورع لردع عن التمويه بمثل هذا مما هو كله عليهم * قال أبو محمد: وقال بعض الناس: إنما أمر عليه السلام بهذا حياطة للجلاب دون أهل الحضر * قال على: وقال بعضهم: بل حياطة على أهل الحضر دون الجلاب * قال أبو محمد: وكلا القولين فاسد وما حياطة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الحضر الا كحياطته للجلاب سواء سواء قال الله تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريض عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) فهو عليه السلام ذو رأفة ورحمة بالمؤمنين كما وصفه ربه تعالى، ولم يفرق بين المؤمنين من أهل الحضر والمؤمنين من الجالبين وكلهم مؤمنون فكلهم (4) في رأفته ورحمته سواء ولكنها الشرائع يوحيها إليه باعثه عز وجل فيؤديها كما أمر لا يبدلها من تلقاء نفسه ولا ينطق عن الهوى، ولا علة لشئ من أحكام الشريعة إلا ما قاله الله عز وجل: (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) * (ولا يسئل عما يفعل وهم يسألون) * (لا معقب لحكمه) وما عدا هذا فباطل وافك مفترى، فان قال قائل: فما يقولون في خبر ابن عمر المذكور وهو صحيح وأنتم المنتسبون إلى القول بالسنن؟ قلنا:
نعم ولله الحمد كثيرا وسنذكر الحكم الذي في هذه الخبر من نقل الطعام عن موضع ابتياعه وأنه في الجزاف خاصة بعد هذا إن شاء الله تعالى من خبر آخر، وأما هذا الخبر الذي