تجارة عن تراض منكم) ولا يكون التراضي البتة الاعلى معلوم القدر ولا شك في أن من لم يعلم بالغبن ولا بقدره فلم يرض به، فصح أن البيع بذلك أكل مال بالباطل، وقوله تعالى: (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم) فحرم عز وجل الخديعة، ولا يمترى أحد في أن بيع المرء بأكثر مما يساور ما باع ممن لا يدرى ذلك خديعة للمشترى، وأن بيع المرء بأقل مما يساوى ما باع وهو لا يدرى ذلك خديعة للبائع، والخديعة حرام لا تصح * وما روينا عن أبي داود نا أحمد بن حنبل نا سفيان بن عيينة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاما فسأله كيف تبيع؟ فأخبره فأوحى الله تعالى إليه [أن] (1) أدخل يدك فيه فادخل يده فيه فإذا هو مبلول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من غش) * وقال عليه السلام: (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام) * ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن سهيل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد الليثي عن تميم الداري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله. ولكتابه وللأئمة. ولجماعة المسلمين) ونهى النبي صلى الله عليه وسلم وسلم عن النجش في البيع برهان صحيح على قولنا ههنا لأنه نهى بذلك عن الغرور. والخديعة في البيع جملة بلا شك يدرى الناس كلهم أن من أخذ من آخر فيما يبيع منه أكثر مما يساوى بغير علم المشترى ولا رضاه ومن أعطاه آخر فيما يشترى منه أقل مما يساوى بغير علم البائع ولا رضاه فقد غشه ولم ينصحه، ومن غش ولم ينصح فقد أتى حراما، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) فصح أنه باطل مردود بنص أمره عليه السلام، وهو قول السلف كما روينا من طريق حماد بن زيد نا أيوب. وهشام - هو ابن حسان - كلهم عن محمد بن سيرين أن رجلا قدم المدينة بجواري فنزل على ابن عمر فذكر الحديث، وفيه أنه باع جارية من ابن جعفر ثم جاء الرجل إلى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن غبنت بسبعمائة درهم فاتى ابن عمر إلى عبد الله بن جعفر فقال: إنه غبن بسبعمائة درهم فاما أن تعطيها إياه واما أن ترد عليه بيعه فقال ابن جعفر: بل نعطيها إياه، فهذا ابن جعفر. وابن عمر قد رأيا رد البيع من الغبن في القيمة * ومن طريق عبد الرزاق نا معمر عن يونس بن عبيد عن رجل عن جرير بن عبد الله البجلي أنه ساوم رجلا بفرس فسامه فسامه الرجل خمسمائة درهم ان رأيت ذلك فقال له جرير: فرسك خير من ذلك ولك ستمائة حتى بلغ ثمانمائة وهو يقول: إن رأيت ذلك فقال جرير: فرسك خير من ذلك ولا أزيدك فقال له الرجل:
(٤٤٠)