وقولنا في هذا هو قول أحمد بن حنبل روينا عنه أن من بيعت داره وهو ساكت فان ذلك لا يجوز حتى يرضى أو يأمر أو يأذن في بيع داره وهو قول أبى سليمان. وجميع أصحابنا، وهو قول الشافعي الا أنه اختلف عنه فيمن بيع ماله (1) فعلم بذلك فروى عنه أنه باطل ولابد (2) وروى عنه أن له ان يجيز ذلك ان شاء ولم يختلف عنه في أن السكوت ليس رضى أصلا، وأما أبو حنيفة فان السكوت عنده لا يكون إقرارا الا في خمسة مواضع، أحدها من رأى عبده يبيع ويشترى كما يفعل المأذون له في التجارة فيسكت فان العبد يصير بذلك مأذونا له والشفعة يعلمها الشفيع فيسكت ولا يشهد على أنه طالب لها فسكوته اسقاط لحقه في الطلب والانسان يباع وهو حاضر عالم بذلك، ثم يقال له: قم مع مولاك فيقوم فهذا إقرار منه بالرق وان لم يتكلم به والبائع للشئ بثمن حال فيقبضه المشترى والبائع ساكت فهذا اذن منه في القبض، والبكر في النكاح * قال أبو محمد: هذه (3) الأربعة وجوه باطل وتخليط ودعوى بلا دليل لا من قرآن. ولا سنة. ولا رواية سقيمة. ولا قول متقدم. ولا قياس. ولا رأى سديد يفرق بينها وبين غيرها وما كان هكذا فان القول لا يحل به، وأما مالك فإنه قال: من رأى ما له يباع فسكت فقد لزمه البيع أمة كانت المبيعة أو عبدا أو غير ذلك، ومن غصب ماله فمات الغاصب فرأى ماله يقسم فسكت فان حقه قد بطل، ومن ادعى عليه بدين فسكت فقد لزمه ما ادعى به عليه (4) ولم ير السكوت عن طلب الدين - وان رآه يقسم - مسقطا لحقه في الطلب، ولا رأى السكوت عن طلب الشفعة رضى باسقاطها الا حتى تمضى له سنة فسكوته بعد السنة رضى باسقاطها عنده، ولم ير سكوت من تتزوج (5) امرأته بحضرته طلاقا ولا أنها بانت عنه بذلك، وهذه مناقضات لا دليل على صحة شئ منها لا من نص ولا من قول أحد تقدمه. ولا من رواية سقيمة. ولا من قياس. ولا من رأى له وجه، وأعجب ذلك أنه لم ير سكوت البكر العانس رضى بالنكاح الا حين تنطق بالرضى وهذا خلاف النص جهارا، ورأي على من رأى داره تبنى وتهدم ويتصرف فيها أجنبي فسكت عشر سنين فأكثر أنها قد خرجت عن ملكه بذلك، وان سكت عن ذلك أقل من سبع سنين انها لم تخرج عن ملكه بذلك، واختلف عنه في سكوته سبع سنين. أو ثمان سنين.
أو تسع سنين فروى عنه أن كل ذلك قطع لحقه، وروى عنه أنه ليس ذلك قطعا لحقه ولم ير سكوت المرء عن ذلك لبعض أقاربه قطعا لحقه الا بعد سبعين سنة، وهذه أقوال كما ترى نعوذ بالله منها، ففيها إباحة الأموال المحرمة جزافا وبالله تعالى التوفيق *