يوقن بفساد شئ من ماله فسادا يتلف به قبل أن يشاور فإنه يبيعه له الحاكم أو غيره ونحو ذلك ويشترى لأهله ما لا بد لهم منه ويجوز ذلك أو ما بيع عليه بحق واجب لينتصف غريم منه، أو في نفقة من تلزمه نفقته فهذا لازم له حاضرا كان أو غائبا رضى أم سخط * برهان ذلك قول الله تعالى: (ولا تكسب كل نفس الا عليها) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام) فليس لأحد أن يحل ما حرم الله تعالى من ماله. ولا من بشرته. ولا من عرضه: ولا من دمه إلا بالوجه الذي أباحه به نص القرآن. أو السنة، ومن فعل ذلك فهو مردود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) والسكوت ليس رضى الا من اثنين فقط، أحدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم المأمور بالبيان الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه الذي لا يقر على باطل، والذي ورد النص بان ما سكت عنه فهو عفو جائز، والذي لا حرام الا ما فصل لنا تحريمه ولا واجب إلا ما أمرنا به فما لم يأمرنا به ولأنها نا عنه فقد خرج عن أن يكون فرضا أو حراما فبقي أن يكون مباحا ولابد، فدخل سكوته الذي ليس أمرا ولا نهيا في هذا القسم ضرورة * والثاني البكر في نكاحها للنص الوارد في ذلك فقط، وأما كل من عدا ما ذكرنا فلا يكون سكوته رضى حتى يقر بلسانه بأنه راض به منفذ، ويسأل من قال: إن سكوت من عدا هذين رضى ما الدليل على صحة قولكم: ان الرضى يكون بالسكوت وان الانكار لا يكون الا بالكلام؟ ومن أين قلتم ذلك؟ فان ادعوا نصا كذبوا وان ادعوا علم ضرورة كابروا لان جمهور الناس مخالفون لهم في ذلك وهم لا يعرفون الضرورة التي يدعون ولا فرق بين دعواهم على غيرهم على الضرورة ههنا وبين دعوى غيرهم عليهم علم الضرورة في بطلان ذلك، وفى أن الانكار يكون بالسكوت وأن الرضى لا يكون الا بالكلام فبطلت الدعوتان لتعارضهما ولم يبق الا أن الساكت ممكن أن يكون راضيا وممكن أن يكون غير راض، وهذا هو الذي لا شك فيه، والرضا يكون بالسكوت وبالكلام، والانكار يكون بالسكوت وبالكلام، فإذ ذلك كذلك فإنما هو الظن فقط ولا تحل الأموال المحرمة بالظن قال تعالى: (ان الظن لا يغنى من الحق شيئا) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والظن فان الظن أكذب الحديث)، فان قالوا: قسنا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى نكاح البكر قلنا: القياس باطل ثم لو كان حقا لكان ههنا في غاية الباطل لان من عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت (1) تقية أو تدبيرا في أمره وترويه أو لأنه يرى أن سكوته لا يلزمه به شئ وهذا هو الحق،
(٤٣٥)