يباع الطعام) * ومن طريق ابن أيمن نا هشام نا أبو صالح حدثني الليث بن سعد حدثني ابن غنج (1) عن نافع عن ابن عمر أنه حدثه (أنهم كانوا يشترون الطعام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الركبان فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه في مكانهم الذي ابتاعوه فيه حتى ينقلوه إلى سوق الطعام) * قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه لستة وجوه، أحدها أن المحتجين بهذا هم (2) القائلون بأن الصاحب إذا روى خبرا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم خالفه أو حمله على تفسير ما فهو أعلم بما فسر وقوله حجة في رد الخبر، وابن عمر هو راوي هذا الخبر وقد صح عنه الفتيا بترك التلقي كما أوردنا آنفا والاخذ بما روى من النهى عن التلقي * وثانيها أن هذين خبران هم أول مخالف لنا فيهما فلا كراهة عندهم في بيع الطعام حيث ابتاعه، ولا أسوأ طريقة ممن يحتج بحجة هو أول مبطل لها ومخالف لموجبها * والثالث أنهما موافقان لقولنا لان معنى نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى يبلغوا به سوق الطعام هو نهى للبائع أن يبيعه وللمشتري أن يبتاعه حتى يبلغ به السوق، ومشهور غير منكور في لغة العرب بعت بمعنى ابتعت ويخرج خبر موسى بن عقبة على هذا أيضا، وأنه عليه السلام نهى البائعين أن يبيعوه في مكانهم الذي ابتاعه المشترون منهم، وهذا معنى صحيح لا داخلة فيه * والرابع أنه حتى لو كان فيهما نص على جواز تلقى الركبان وليس ذلك فيهما لكان النهى ناسخا ولا بد بيقين لا شك فيه لان التلقي كان مباحا بلا شك قبل النهى فكان هذان الخبران موافقين للحال المتقدمة بلا شك، وباليقين يدرى كل ذي فهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نهى عن التلقي فقد بطلت الإباحة بلا شك فقد بطل حكم هذين الخبرين ونسخ لو صح فهيما إباحة التلقي فكيف وليس ذلك فيهما؟ وهذا برهان قاطع لا محيد عنه، ومن ادعى عود حكم قد نسخ فقد كذب وقفا مالا علم له به وادعى على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يبين كما أمر وان الدين مختلط لا يدرى أحد حرامه من حلاله من واجبه وحاش لله من هذا * وخامسها أن يضم هذا الخبران إلى اخبار النهى فيكون البائعون تخيروا امضاء البيع فأمر المبتاعون بنقله (3) حينئذ إلى السوق فتتفق الاخبار كلها ولا تحمل على التضاد * وسادسها اننا روينا هذا الخبر ببيان صحيح رافع للاشكال من طريق من هو أحفظ وأضبط من جويرية كما روينا من طريق البخاري نا مسدد نا يحيى - هو ابن سعيد القطان - عن عبيد الله - هو ابن عمر - حدثه نافع عن عبد الله ابن عمر قال: كانوا يبتاعون (4) الطعام في أعلى السوق ويبيعونه في مكانه (5) فنهاهم
(٤٥١)