الخبر ما ليس فيه له ذكر ولا إشارة إليه بوجه من الوجوه من بيع الغائبات التي لا تعرف صفاتها ولا عرفها البائع ولا المشترى ولا وصفها لهما أحد ثم لم يلبثوا أن نقضوا ذلك ككرة الطرف (1) فحرموا بيع لحم الكبش قبل ذبحه. والنوى دون التمر قبل أكله.
وبيع الزيت في الزيتون قبل عصره. وبيع الألبان في الضروع، واحتجوا في ذلك بأنه كله مجهول لا تدرى صفته وهذا موق (2) وتلاعب بالدين نعوذ بالله من مثله * قال على: ونحن نجيز بيع الحب بعد اشتداده كما هو في أكمامه بأكمامه. وبيع الكبش حيا ومذبوحا كله لحمه مع جلده. وبيع الشاة بما في ضرعها من اللبن، وبيع النوى مع التمر لأنه كله ظاهر مرئي ولا يحل بيعه دون أكمامه لأنه مجهول لا يدرى أحد صفته ولا بيع اللحم دون الجلد. ولا النوى دون التمر. ولا اللبن دون الشاة كذلك * قال أبو محمد: ولا يخلو بيع كل ذلك قبل ظهوره من أن يكون اخراجه مشترطا على البائع أو على المشترى أو عليهما أو على غيرهما أولا على أحد فإن كان مشترطا على البائع أو على المشترى فهو بيع بثمن مجهول. وإجارة بثمن مجهول وهذا باطل لان البيع لا يحل بنص القرآن الا بالتراضي والتراضي بضرورة الحس لا يمكن أن يكون الا بمعلوم لا بمجهول، فكذلك إن كان مشترطا عليهما أو على غيرهما، وأيضا فان كل ذلك شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل فإن لم يشترط على أحد فهو (3) أكل مال بالباطل حقا لأنه لا يصل إلى أخذ ما اشتراه * قال على: والبرهان على بطلان بيع ما لم يعرف برؤية ولا بصفة صحة نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، وهذا عين الغرر لأنه لا يدرى ما اشترى أو باع (4)، وقول الله تعالى: (الا أن تكون تجارة عن تراض منكم) ولا يمكن أصلا وقوع التراضي على ما لا يدرى قدره ولا صفاته وإنما فرقنا بين صفة البائع للمشترى أو المشترى للبائع صدق أحدهما الآخر أو لم يصدقه فأجزنا البيع بذلك وبين صفة غيرهما فلم يجزه إلا ممن يصدقه الموصوف له فلان صفة البائع للمشترى أو صفة المشترى للبائع عليها (5) وقع البيع وبها تراضيا، فان وجد المبيع كذلك علمنا أن البيع وقع صحيحا على حق وعلى ما يصح به التراضي والا فلا، وأما إذا وصفه لهما غيرهما ممن لا يصدقه الموصوف له فان