أو كبيرا إلى أجله)؟ وقد قال المالكيون في ذلك: هو فرض وقالوا ههنا: هو ندب تحكما بلا برهان، وكذلك قوله تعالى: (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) وقد قال الشافعيون:
انه فرض وقالوا ههنا: هو ندب تحكما بلا دليل، وكذلك قوله تعالى: (مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا) فقال الحنيفيون: هذا فرض ولا يقام بمكة حد، وقالوا ههنا: هو ندب تحكما بلا حجة، وأي فرق بين أمره تعالى بالاشهاد. والكتاب وبين أمره تعالى بما أمر في كفارة الايمان. وكفارة الظهار. وحكم الايلاء. وحكم اللعان. وسائر أوامر القرآن؟ ونعوذ بالله من أن نجعل القرآن عضين فنوجب بعضا ونلغي بعضا * فان ذكروا قول الله تعال: (فان أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته) قلنا: هذا مردود على ما يتصل به من الرهن ولا يجوز أن يحمل على اسقاط وجوب الامر بالاشهاد. والكتاب بالدعوى بلا برهان، وكذلك من قال: هو فرض على الكفاية لان كل ذلك دعوى عارية من البرهان وما كان بهذه الصفة فهو باطل مطرح قال تعالى: (قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين) ومن أطراف شئ مبادرتهم إذا ادعوا في شئ من أوامر القرآن انه ندب فقلنا لهم: ما برهانكم على هذه الدعوى؟ قالوا: قول الله تعالى: (وإذا حللتم فاصطادوا) (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض) فقلنا لهم: ان هذا لعجب! ليت شعري في أي دين وجدتم أم في أي عقل انه إذا صح في أمر من أوامر الله تعالى انه منسوخ أو أنه ندب وجب أن تحمل سائر أوامره تعالى على أنها منسوخة وعلى أنها ندب؟ فما سمع بأعجب من هذا الاحتجاج الفاسد! إذ قصدوا به هدم القرآن بلا برهان، ولا فرق بين فعلهم هذا ههنا وبين من قصد إلى أي آية شاء من القرآن فقال: هي منسوخة فإذا قيل له: ما برهانك على ذلك قال: نسخ الله تعالى الاستقبال إلى بيت المقدس ونسخه لاعداد المتوفى عنها سنة * قال أبو محمد: ونحن لا ننكر وجود النسخ (1) في بعض الأوامر أو كونه على الندب أو على الخصوص إذا جاء نص آخر ببيان ذلك وأما بالدعوى فلا، فإذا صح في أمر من القرآن أو السنة انه منسوخ. أو مندوب. أو مخصوص بنص آخر قلنا بذلك ولم نتعده بهذا الحكم إلى ما لم يأت فيه دليل يصرفه عن موضوعه ومقتضاه * قال على: واحتجوا بالخبر المأثور من طريق الزهري عن عمارة بن خزيمة بن ثابت أن عمه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليعطيه الثمن فاسرع النبي صلى الله عليه و سلم وأبطأ الاعرابي فطفق رجال يساومون الاعرابي بالفرس وزيد على السوم فنادى الاعرابي النبي صلى الله عليه وسلم ان كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه والا بعته فقال له