وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعد واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى اجله ذلكم أقسط عند الله وأقوام للشهادة وأدنى أن لا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح أن لا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله ولله بكل شئ عليم وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فان أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة) * قال أبو محمد: فهذه أوامر مغلظة مؤكدة لا تحتمل تأويلا، أمر بالكتاب في المداينة إلى أجل مسمى وبالاشهاد في ذلك في التجارة المدارة كما أمر الشهداء أن لا يأبوا أمرا مستويا فمن أين صار عند هؤلاء القوم أحد الأوامر فرضا والآخر هملا؟ وأخبر تعالى أن الكتاب ان ضار - ولا شك في أن امتناعه من الكتاب مضارة وان امتناع الشاهد من الشهادة إذ دعى - فسوق، ثم أكد تعالى أشد تأكيد ونهانا ان نسأم كتاب ما أمرنا بكتابه صغيرا كان أو كبيرا وأخبر تعالى ان ذلك أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى من أن لا نرتاب، وأسقط الجناح في ترك الكتاب خاصة دون الاشهاد في التجارة المدارة ولم يسقط الجناح في ترك الكتاب فيما كان دينا إلى أجل مسمى، وبهذا جاءت السنة كما روينا من طريق غندر عن شعبة عن فراس الخارفي (1) عن الشعبي عن أبي بردة ابن أبي موسى الأشعري عن أبيه قال: ثلاثة يدعون الله تعالى فلا يستجاب لهم وذكر فيهم ورجل كان له على رجل دين فلم يشهد عليه، وقد أسنده معاذ بن المثنى عن أبيه عن شعبة عن فراس عن الشعبي عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم * ومن طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي نا علي بن عبد الله - هو ابن المديني - أخبرنا المؤمل بن إسماعيل نا سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد في قول الله تعالى: (وأشهدوا إذا تبايعتم) قال مجاهد:
كان ابن عمر إذا باع بنقد أشهد وإذا باع بنسيئة كتب وأشهد * ومن طريق إسماعيل نا علي بن عبد الله نا حسان بن إبراهيم الكرماني نا إبراهيم - هو ابن ميمون الصائغ - عن عطاء بن أبي رباح قال: تشهد على كل شئ تشتريه وتبيعه ولو كان بدرهم أو بنصف