تعاليق مبسوطة - الشيخ محمد إسحاق الفياض - ج ٨ - الصفحة ٣١٩
وقد يتخيل البطلان من حيث إن المنوي وهو الحج النذري لم يقع وغيره لم يقصد، وفيه أن الحج في حد نفسه مطلوب وقد قصده في ضمن قصد النذر وهو كاف، ألا ترى أنه لو صام أياما بقصد الكفارة ثم ترك التتابع لا يبطل الصيام في الأيام السابقة أصلا (1) وإنما تبطل من حيث كونها
____________________
مانع من الحكم بالصحة.
وفيه: انه لا يمكن الحكم بصحة الضد الا على القول بالترتب وإن قلنا بأن الأمر بشئ لا يقتضي النهي عن ضده - كما هو الصحيح - فإنه لا شبهة في أنه يقتضي عدم الأمر به، على أساس استحالة الأمر بالضدين معا، فإذا لم يكن الضد متعلقا للأمر فلا يمكن الحكم بالصحة، لأن الحكم بها يتوقف اما على وجود الأمر به الكاشف عن وجود الملاك فيه الذي هو حقيقة الأمر وروحه، أو على احراز اشتماله على الملاك، وحيث انه لا أمر به فلا طريق لنا إلى احراز اشتماله عليه والطريق الآخر غير موجود، فمن أجل ذلك لا يمكن الحكم بالصحة.
وأما ما ذكره الماتن (قدس سره) من أن النهي الغيري لا يكشف عن مبغوضية متعلقه، وإن كان صحيحا، الا أن ذلك لا يكفي في الحكم بالصحة، بل هو يتوقف على احراز الملاك فيه، ولا طريق إلى احرازه في هذه الحالة.
فالنتيجة: انه لا يمكن الحكم بالصحة الا على القول بالترتب.
(1) الأظهر هو البطلان، فإنها كما لا تقع كفارة باعتبار أن صحتها مشروطة بالتتابع، ومع الاخلال به تبطل، كذلك لا تقع مستحبة، لأنه بحاجة إلى دليل يدل على الانقلاب، أي انقلاب الصوم الذي أتى به باسم الكفارة مستحبا عاما، ولا دليل على ذلك. وما دل على استحباب الصوم استحبابا عاما لا يشمل هذا الصوم، لأن مورده الصوم المطلق الذي ليس له اسم خاص، وصوم الكفارة كغيره من أنواع الصيام الخاصة له اسم خاص المميز له شرعا، وهو عنوان
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 319 320 321 322 324 325 ... » »»
الفهرست