يحبس بدين عليه أو غيره فلا يخلو: أن يحبس بحق أو بغير حق، فإن حبس بحق بأن يكون عليه دين يقدر على قضائه فلم يقضه لم يكن له أن يتحلل لأنه متمكن من الخلاص فهو حابس نفسه باختياره، وإن حبس بظلم أو دين لا يقدر على أدائه كان له أن يتحلل لعموم الآية والأخبار بأنه مصدود.
وكل من له التحلل فلا يتحلل إلا بهدي ولا يجوز له قبل ذلك، وإذا لم يجد المحصر الهدي أو لا يقدر على ثمنه لا يجوز له أن يتحلل حتى يهدي ولا يجوز له أن ينتقل إلى بدل من الصوم أو الإطعام لأنه لا دليل على ذلك وأيضا قوله: فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي، و: لا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله، يمنع كلاهما من التحلل إلى أن يهدي فيبلغ الهدي محله وهو يوم النحر ولم يذكر البدل. وإذا أراد التحلل من حصر العدو فلا بد من نية التحلل قبل الدخول فيه وكذلك إذا حصر بالمرض.
ومتى شرط في حال الإحرام أن يحله حيث حبسه صح ذلك ويجوز له التحلل ولا بد أن يكون للشرط فائدة مثل أن يقول: إن مرضت أو فنى نفقتي أو فاتني الوقت أو ضاق علي أو منعني عدو أو غيره. فأما أن يقول: إن حلي حيث شئت، فليس له ذلك. فإذا حصل ما شرط فلا بد له من الهدي لعموم الآية، هذا كلام الشيخ أبي جعفر.
وقال المرتضى: إذا اشترط المحرم فقال عند دخوله في الإحرام: فإن عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني، جاز له أن يتحلل عند العوائق من مرض وغيره بغير دم. وهذا أحد قولي الشافعي، وذهب باقي الفقهاء إلى أن وجود هذا الشرط كعدمه، فإن احتجوا بعموم قوله: وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي.
قلنا:
نحمل ذلك على من لم يشترط.
فصل:
وقوله تعالى: فإن أحصرتم فيه خلاف. قال قوم: إن منعكم حابس قاهر. وقال آخرون: إن منعكم خوف أو عدو أو مرض أو هلاك بوجه من الوجوه فامتنعتم لذلك، وهذا قول جماعة وهو المروي عن ابن عباس. وهذا أقوى وهو في أخبارنا، ولأن الإحصار