باب ذكر المناسك وما يتعلق بها:
قوله تعالى: وإذ جعلنا البيت مثابة للناس. أي يثوبون إليه في كل عام، يعني ليس هو مرة في الزمان فقط على الناس، وعن ابن عباس: معناه أنه لا ينصرف عنه أحد وهو يرى أنه قد قضى منه وطرا فهم يعودون إليه. وعن أبي جعفر ع: يرجعون إليه لا يقضون وطرا. وحكى الحارثي: أن معناه يحجون إليه فيثابون عليه. وروي: أن كل من فرع من الحج وانصرف وعزم أن لا يعود إليه أبدا مات قبل الحول.
وإنما جعله الله آمنا بأن حكم أن من عاذ به والتجأ إليه لا يخاف على نفسه ما دام فيه بما جعله في نفوس العرب من تعظيمه وكان من فيه آمنا ويتخطف الناس من حوله، ولعظم حرمته أن من جنى جناية فالتجأ إليه لا يقام عليه الحد فيه لكن يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج فيحد، فإن أحدث فيه ما يوجب الحد أقيم فيه الحد لأنه هتك حرمة الحرم.
فصل:
وقوله تعالى: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى.
قيل: فيه أربعة أقوال: قال ابن عباس: الحج كله مقام إبراهيم. وقال عطاء: مقام إبراهيم عرفة والمزدلفة والجمار. وقال مجاهد: الحرم كله مقام إبراهيم. وقال السدي: هو الحجر الذي فيه أثر رجلي إبراهيم. وكانت زوجة إسماعيل وضعته تحت قدميه حين غسلت رأسه فوضع إبراهيم عليه رجله وهو راكب فغسلت شقه الأيمن ثم رفعته وقد غابت رجله فيه فوضعته تحت قدمه اليسرى وغسلت الشق الأيسر من رأسه فغابت رجله اليسرى أيضا في الحجر فأمر الله بوضع ذلك الحجر قريبا من الحجر الأسود وأن يصلى عنده بعد الطواف. وهو الظاهر في أخبارنا.
وقوله: وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا. أمرهما الله أن يطهراه من فرث ودم كان يطرح المشركون قبل أن صار في يد إبراهيم. وقيل: أراد طهراه من الأصنام