في محمله من الشمس إلا عن ضرورة وذهبوا إلى أنه يفدي ذلك إذا فعله بدم ووافق مالك في كراهية ذلك إلا أننا ما نظنه يوجب في فعله شيئا وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك.
والحجة فيه إجماع الطائفة والاحتياط لليقين بسلامة إحرامه.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن من تزوج امرأة وهو محرم عالما بأن ذلك محرم عليه بطل نكاحه ولم تحل المرأة أبدا. وهذا لم يوافق فيه أحد من الفقهاء ولأن الشافعي ومالكا وإن أبطلا نكاح المحرم وجوز ذلك أبو حنيفة فإنهما لا يقولان أنه إذا فعل ذلك على بعض الوجوه حرمت عليه المرأة أبدا.
دليلنا الاجماع المتردد، ويمكن أن نقول للشافعي ومالك الموافقين لنا في تحريم نكاح المحرم: إذا ثبت فساد نكاح المحرم باتفاق بيننا وثبت أن ما صح فساده أو صحته في أحكام الشريعة لا يجوز تغير أحواله باجتهاد أو استفتاء مجتهد لأن الدليل قد دل عندنا على فساد الاجتهاد الذي يعنونه في الشريعة فلم يبق إلا أن الفاسد يكون أبدا كذلك والصحيح يكون على كل حال كذلك.
وإذا ثبتت هذه الجملة وجدنا كل من قال من الأمة أن نكاح المحرم أو إنكاحه فاسد على كل وجه ومن كل أحد يذهب إلى أن ما فصلناه من أنه إذا فعل ذلك عالما بطل نكاحه ولم تحل له المرأة أبدا لأن أحدا من الأمة لم يفرق بين الموضعين والفرق بينهما خروج عن إجماع الأمة، فإن عارضونا بما يروونه عن أن النبي ص : أنه نكح ميمونة وهو محرم. فالجواب: إنه خبر واحد وتعارضه أخبار كثيرة رووها أنه تزوجها وهو حلال.
وقيل: يمكن أن يتناول خبر ميمونة على أن ابن عباس رضي الله عنه كان يرى أن من قلد الهدي كان محرما فلما رآه قلد الهدي اعتقد أنه محرم، وأيضا فيحتمل أن يكون أراد أنه تزوجها في الشهر الحرام والعرب تسمى من كان في الشهر الحرام بأنه محرم واستشهدوا بقول الشاعر: قتلوا ابن عفان الخليفة محرما