رسول الله لقوله:
وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم.
ثم اعلم أن الحج ضروب ثلاثة: مفرد لأهل مكة، وقارن لمن حكمه حكم أهل مكة وإن كان منزله خارج مكة من بواديها ثم النوعان للفريقين، وتمتع لمن نأى من الحرم.
فالإفراد فرض ساكني مكة ومجاوريها الذين جاوروا ثلاث سنين فصاعدا لم يجز لهم التمتع ويجوز لهم القران، فأما من كان بحكم حاضري المسجد الحرام فهو كل من كان على اثني عشر ميلا فما دونها إلى مكة من أي جانب كان ففرضه الإفراد والقران ولأن يحرم أغنياؤهم فالاقران أولى.
وفرض التمتع عندنا هو اللازم لكل من لم يكن من حاضري المسجد الحرام وهو كل من كان على أكثر من اثني عشر ميلا من أي جانب كان إلى مكة، فمن خرج عنها فليس من الحاضرين لا يجوز له مع الإمكان غير التمتع، قال الله تعالى:
فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج... الآية.
فصل:
روى ابن عمار عن أبي عبد الله ع: أن النبي ص أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج، ثم أنزل الله عليه: وأذن في الناس بالحج... الآية، فأمر المؤذنين أن يؤذنوا على أصواتهم بأن رسول الله يحج من عامه هذا فعلم به من حضر المدينة وأهل العوالي والأعراب فاجتمعوا فخرج رسول الله في أربع بقين من ذي القعدة فلما انتهى إلى ذي الحليفة فزالت الشمس اغتسل ثم خرج حتى أتى المسجد عند الشجرة فصلى فيه الظهر وأحرم بالحج ثم ساق الحديث إلى أن قال: فلما وقف رسول الله بالمروة بعد فراغه من السعي قال: إن هذا جبريل - وأومئ بيده إلى خلفه - يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحل، ثم قال: ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل