فصل:
وقوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع... عن ابن عباس وابن عمر: السبيل الذي يلزم بها الحج هي الزاد والراحلة. وقال ابن الزبير والحسن: ما يبلغه كائنا ما كان. وعندنا هو وجود الزاد والراحلة ونفقة من يلزمه نفقته والرجوع إلى كفاية عند العود إما من مال أو ضياع أو عقار أو صناعة أو حرفة مع الصحة والسلامة وزوال الموانع وإمكان المسير. ولا بيان في ذلك أبين مما بينه الله بأن يكون مستطيعا إليه السبيل وذلك عام في جميع ما ذكرنا، ومن في موضع الجر بدل من الناس، المعنى: ولله على من استطاع من الناس حج البيت.
وقوله تعالى: ومن كفر... أي من جحد فرض الحج فلم يره واجبا، فأما من تركه وهو يعتقد فرضه فإنه لا يكون كافرا وإن كان عاصيا. وقال قوم: معنى من كفر أي ترك الحج. والسبب في ذلك أنه لما نزل قوله: ومن يبتغ غير الاسلام دينا. قال اليهود:
نحن مسلمون نحن مسلمون، فأنزل الله هذه الآية يأمرهم بأمر الحج إن كانوا صادقين فامتنعوا فقال تعالى: فمن ترك من هؤلاء الحج فهو كافر.
وظاهر الآية خبر ومعناه أمر لأنه إيجاب الحج على الناس، وفي مورد هذا الإيجاب في صورة الخبر نكتة مليحة يطلع عليها من تدبره وفيها مداراة واستمالة لأن المأمور به ينكسر بالأمر وأكثر كلام الله وكلام رسوله الوارد على لفظ الخبر إما يتضمن الأمر أو النهي.
فصل:
ومما يدل على أن الوقوف بالمشعر الحرام واجب وهو ركن من أركان الحج - بعد الاجماع المذكور - قوله تعالى: فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام. والأمر شرعا على الإيجاب، ولا يجوز أن يوجب ذكر الله فيه إلا وقد أوجب الكون فيه ولأن كل من أوجب الذكر فيه أوجب الوقوف به.
فإن قالوا: نحمل ذلك على الندب. قلنا: هو خلاف الظاهر ويحتاج إلى دلالة ولا