قلنا: هذا يوجب الترتيب في الإخبار بهما لا بالعمل فيهما ونحوه قوله تعالى: ثم كان من الذين آمنوا، بعد قوله: أو إطعام في يوم ذي مسغبة، ولا خلاف أن الإيمان يجب أن يكون قبل الإطعام.
وقد روى أصحابنا أن ههنا تقديما وتأخيرا وتقديره: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واستغفروا الله إن الله غفور رحيم.
وأجاب المتأولون بأن قالوا: رتبت الإفاضة بعد المعنى الذي دل الكلام الأول عليه كأنه قيل: أحرموا بالحج على ما بين لكم ثم أفيضوا يا معشر قريش من حيث أفاض الناس بعد الوقوف بعرفة، وهذا قريب مما قلناه وإنما عدل من تأوله على الإفاضة من مزدلفة لأنه رآه بعد قوله: فإذا أفضتم من عرفات، قال: فأمروا أن يفيضوا من المزدلفة يوم الوقوف بها كما أمروا بعرفة، وما قدمناه هو التأويل المختار.
فإذا أصبح يوم النحر صلى الفجر ووقف للدعاء بالمشعر إلى طلوع الشمس، ثم يفيض إلى منى لأداء المناسك بها كما بينها رسول الله، لقوله: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس.
فصل:
والهدي واجب على المتمتع بالعمرة إلى الحج ومن لم يقدر عليه وجب عليه صيام عشرة أيام، قال تعالى: فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة.
فالهدي على الحاج المتمتع واجب بلا خلاف لظاهر القرآن وخالفوا في أنه نسك أو جبران والصحيح أنه نسك وكذلك هو عندنا، فإن لم يجد الهدي ولا ثمنه صام ثلاثة أيام متتابعة في أول ذي الحجة رخصة ووقت صومها يوم قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفه، فإن فاتته صام ثلاثة أيام بعد أيام التشريق في ذي الحجة متتابعة وصام سبعة الأيام