باب في تفصيل أفعال الحج المتمتع:
أولها النية لأن من خرج من بيته قاصدا بيت الله يجب عليه وقت نهوضه أن ينوي أنه يخرج لحجة الاسلام، ثم هو في قطع الطريق يؤدى الواجبات لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو أيضا واجب، فإذا بلغ الميقات أحرم به للعمرة التي يتمتع بها إلى الحج ونوى ولبس ثوبي الإحرام ولبى أربع كلمات واجبا. فالدليل على وجوب النية قوله تعالى:
وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. فهذه الآية تدل على أن النية للحج ولجميع العبادات واجبة لأن الإخلاص بالديانة هو القربى إلى الله تعالى بعملها مع ارتفاع الشوائب والتقرب إليه تعالى لا يصح إلا بالعقد عليه والنية له ببرهان، والنية إرادة مخصوصة محلها القلب، وبين ع ذلك بقوله: إنما الأعمال بالنيات.
وأما الإحرام فريضة من تركه متعمدا فلا حج له، فإذا أراد الإحرام تنظف واتزر بثوب وتوشح بآخر أو ارتدى به ولا يلبس مخيطا، وروي عن ابن مسعود أنه لقي رجلا محرما وعليه ثيابه القميص والسروال فقال له: انزع هذا عنك، فقال الرجل: اقرأ علي آية في هذا من كتاب الله، فقرأ عليه قوله تعالى: ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. والآية عامة في كل ما أتى رسول الله وما نهى عنه وإن كان أمر النبي متصلا به، ولا خلاف بين الفقهاء أن الآية إذا نزلت في أمر لا تكون مقصورة عليه.
فصل:
وقوله تعالى: وأذن في الناس بالحج الآية.
عن ابن عباس أن إبراهيم ع قام في المقام فنادى: يا أيها الناس إن الله قد دعاكم إلى الحج، فأجاب الحاضرون: بلبيك لبيك اللهم لبيك لبيك. والشئ إذا علم أنه كان في شرع ولم ينسخ فهو على ما كان.
وقال مجاهد: نزل قوله: يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم