إ ذلك وبسطناه في كثير من كتبنا.
وبعد فإن الفقهاء والمحصلين من مخالفينا حملوا نهى عمر عن هذه المتعة على وجه الاستحباب لا على الحظر وقالوا في كتبهم المعروفة المخصوصة بأحكام القرآن: إن نهى عمر يحتمل أن يكون لوجوه: منها أنه أراد أن يكون الحج في أشهر مخصوصة به والعمرة في غير تلك الشهور، ومنه أنه أحب عمارة البيت وأن يكثر زواره في غير الموسم، ومنها أنه أراد إدخال الرفق على أهل الحرم بدخول الناس إليهم. ورووا في تقوية هذا المعنى أخبارا موجودة في كتبهم لا معنى للتطويل بذكرها، وفيهم من حمل نهي عمر عن المتعة على فسخ الحج إذا طاف له قبل يوم النحر.
وقد روي عن ابن عباس رحمة الله عليه: أنه كان يذهب إلى جواز ذلك وأن النبي ص كان أمر أصحابه في حجة الوداع بفسخ لحج من كان منهم لم يسق هديا ولم يحل هو ع لأنه كان ساق الهدي. وزعموا أن ذلك منسوخ بقوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله. وهذا التأويل الثاني بعيد من الصواب لأن فسخ الحج لا يسمى متعة وقد صارت هذه اللفظة بعرف الشرع مخصوصة بمن ذكرنا حاله وصفته.
وأما التأويل الأول فيبطله قوله: أنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما. وتشدده في ذلك وتوعده يقتضي أن لا يكون القول خرج مخرج الاستحباب على أن نهيه عن متعة النساء كان مقرونا بنهيه عن متعة الحج فإن كان نهيه عن متعة الحج استحبابا فالمتعة الأخرى كذلك.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن الجدال الذي منع منه المحرم بقوله تعالى: ولا جدال في الحج. هو الحلف بالله صادقا أو كاذبا وأنه إن جادل وهو محرم صادقا مرة أو مرتين فليس عليه كفارة وليستغفر الله تعالى، وإن جادل ثلاث مرات صادقا فما زاد فعليه دم شاة، فإن جادل مرة واحدة كاذبا فعليه دم شاة، وإن جادل مرتين كاذبا فدم