أن يأكل الصيد ويفديه ولا يأكل الميتة. وأبو يوسف يوافق في ذلك لأنه قال: يذبح الصيد ويأكله ويفديه. وهو أحد قولي الشافعي، وقال أبو حنيفة وأصحابه ومحمد بن الحسن: يأكل الميتة ولا يأكل الصيد.
دليلنا إجماع الطائفة، وأيضا فإن الصيد له فداء في الشريعة يسقط إثمه وليس كذلك الميتة ولأن في الناس من يقو: إن الصيد ليس بميتة وأنه يذكى وأكله مباح والميتة متفق على حظرها. وربما رجحوا الميتة على الصيد بأن الحظر في الصيد ثبت من وجوه: منها تناوله ومنها قتله ومنها أكله. وكل ذلك محظور وليس في الميتة إلا حظر واحد وهو الأكل وهذا ليس بشئ لأنا لو فرضنا أن رجلا غصب شاة ثم وقذها وضربها حتى ماتت ثم أكلها لكان الحظر هاهنا من وجوه كما ذكرتم في الصيد وأنتم مع ذلك لا تفرقون بين أكل هذه الميتة وبين غيرها عند الضرورة وتعدلون إليها عن أكل الصيد.
مسألة:
ومما ظن انفراد الإمامية به القول: بأن كفارة الجزاء على الترتيب دون التخيير.
ومثاله أنهم يوجبون في النعامة مثلا بدنة، فإن لم يجد أطعم ستين مسكينا، فإن لم يقدر صام شهرين متتابعين.
والرواية الموافقة للإمامية عن ابن عباس وابن سيرين أنهما قالا ذلك على الترتيب، فلا يجوز أن يطعم مع القدرة على اخراج المثل ولا أن يصوم مع القدرة على الإطعام وباقي الفقهاء يقولون ذلك على التخيير.
دليلنا إجماع الطائفة، فإن قيل: ظاهر القرآن يخالف مذهبكم لأنه تعالى قال:
فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما. ولفظة " أو " تقتضي التخيير. قلنا ندع الظاهر للدلالة كما تركنا ظاهر إيجاب الواو للجمع وحملناها على التخيير في قوله تعالى:
فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع. ويكون معنى أو كذا إذا لم يجد الأول.