صادقا وكاذبا. وللمفسرين فيه قولان: أحدهما أنه لا مراء بالسباب والإغضاب على وجه اللجاج، والثاني أنه لا جدال في أن الحج قد استدار لأنهم أنسوا الشهور فقدموا وأخروا فالآن قد رجع إلى حاله. والجدال المخاصمة، ولا رفث إن خرج مخرج النفي والإخبار فالمراد به النهي، وما تفعلوا من خير يعلمه الله، أي يجازيكم عليه لأنه عالم به.
فصل: وقوله تعالى: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى. أي تزودوا من الطعام ولا تلقوا كلكم على الناس كما يفعله العامة، وخير الزاد مع ذلك التقوى. وقيل: تزودوا من الأعمال الصالحة فإن الاستكثار من أعمال البر أحق شئ بالحج. والعموم يتناول التأويلين.
ثم قال: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم. وهذا تصريح بالإذن بالتجارة وهو المروي عن أئمتنا ع. أي لستم تأثمون في أن تبتغوا وتطلبوا الرزق فإنهم كانوا يتأثمون بالتجارة في الحج فرفع الله الإثم بهذه اللفظة عمن يتجر في الحج.
وقيل: كان في الحج أجراء ومكارون وكان الناس يقولون: إنه لا حج لهم، فبين تعالى أنه لا إثم على الحاج في أن يكون أجيرا لغيره أو مكاريا. وقيل: معناه لا جناح أن تطلبوا المغفرة من ربكم. رواه جابر عن أبي جعفر ع، والعموم يتناول الجميع.
فالآية تدل على أن التاجر والحمال والأجير وغيرهم يصح لهم الحج، فليس الحج كالصلاة لأن أفعال الصلاة متصلة لا يتخللها غيرها وأفعال الحج بخلافها فلا يمتنع قصد ابتغاء المنافع مع قصد إقامة التعبد وكذلك لا يمتنع أن يستغفر الله أو يصلى على النبي وآله في خلال ذكر التلبيات وغيرها.