المسألة الثامنة والثلاثون والمائة:
والعمرة واجبة من جهة الاستطاعة كالحج. الصحيح عندنا أن العمرة إنما تجب في العمر مرة واحدة وما زاد على ذلك فهو فضل وهو قول الشافعي في أصح قوليه، وذهب إلى ذلك الثوري وأحمد وإسحاق وقال مالك وأبو حنيفة: إنها غير واجبة، دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المذكور قوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله. والأمر بالإتمام يقتضي الأمر بالابتداء. وروي عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله هل على النساء جهاد؟
فقال: نعم فقلت: فما ذلك الجهاد؟ قال: الحج والعمرة.
المسألة التاسعة والثلاثون والمائة:
لا تصح العمرة في الشهر إلا مرة واحدة. الذي يذهب إليه أصحابنا أن العمرة جائزة في سائر أيام السنة، وقد روي أنه لا يكون بين العمرتين أقل من عشرة أيام وروي أنها لا تجوز إلا في كل شهر مرة وقال الشافعي تجوز العمرة في السنة مرتين وأكثر، وحكي عن مالك أنه قال: لا تجوز إلا دفعة، وهو قول سعيد بن جبير والنخعي وابن سيرين، دليلنا على جواز فعلها على ما ذكرناه قوله ص: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، ولم يفصل ع بين أن يكون ذلك سنة أو سنتين أو شهرا أو شهرين.
المسألة الأربعون والمائة:
ميقات أهل المدينة الشجرة وميقات أهل العراق العقيق. هذا صحيح وإليه يذهب أصحابنا ويقولون: إن ميقات أهل العراق وكل من حج من المشرق معهم على طريقهم بظن العقيق وأوله المسلح وأوسطه غمرة وآخره ذات عرق، والأفضل أن يكون إحرام من حج من هذه الجهة من المسلح، ورأيت الشافعي يوافق على هذا ويقول: إن إحرام أهل المشرق من المسلح أحب إلى. وباقي الفقهاء يقولون: ميقات أهل العراق ذات عرق فأما ميقات أهل المدينة فلا خلاف في أنه مسجد الشجرة وهو ذو الحليفة، دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المقدم ذكره، وأيضا ما رواه ابن عباس أن النبي وقت لأهل المشرق