فصل:
وقوله: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا. كان إبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجر وإنما رفعا البيت للعبادة لا للمسكن لقولهما:
تقبل منا.
وروي: أن آدم ع بناه ثم عفا أثره فجدده إبراهيم ع. والمروي في أخبارنا أن أول من حج آدم، حج واعتمر ألف مرة على قدميه من الهند.
وقال الباقر ع: إن الله وضع تحت العرش أربعة أساطين وسماه الضراح وهو البيت المعمور وقال للملائكة: طوفوا به، ثم بعث ملائكة فقال لهم: ابنوا في الأرض بيتا بمثاله وقدره، وأمر من في الأرض أن يطوفوا به. وقال: ولما أهبط الله آدم من الجنة قال: إني منزل معك بيتا تطوف حوله كما يطاف حول عرشي وتصلي عنده كما يصلى عند عرشي، فلما كان زمن الطوفان رفع فكانت الأنبياء يحجونه ولا يعلمون مكانه حتى بوأه الله لإبراهيم فأعلمه مكانه فبناه من خمسة أجبل من حراء وثبير ولبنان وجبل الطور وجبل الحمر. وقال الطبري: وهو جبل بدمشق.
وقوله تعالى: وأرنا مناسكنا، أي متعبداتنا. قال الزجاج: كل متعبد منسك. وقيل:
المناسك هي ما يتقرب بها إلى الله من الهدي والذبح وغير ذلك من أعمال الحج والعمرة.
وقيل: مناسكنا مذابحنا، وأرنا من رؤية البصر. وقيل: أي أعلمنا. وقيل: أراهما الله الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والإفاضة من عرفات والإفاضة من جمع حتى رمى الجمار فأكمل الله له الدين، وهذا أقوى لأنه هو العرف الشرعي في معنى المناسك.
وقال: ومن يرغب عن ملة إبراهيم. هي ملة نبينا، لأن ملة إبراهيم داخلة في ملة محمد مع زيادات ههنا.
وقوله: ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه. معناه والأمر ذلك أي هكذا أمر الحاج المناسك ومن يعظم حرمات الله، فالتعظيم خير له في الآخرة يعني بأن يترك ما حرمه الله والحرمة ما لا يحل انتهاكه.