الخمسة كلها فريضة وقد بينها رسول الله لقوله: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم، وقال: ما آتاكم الرسول فخذوه.
وأما قوله تعالى: وليطوفوا بالبيت العتيق. قال قوم: هو طواف العمرة الذي يقال له: طواف الصدر، لأنه تعالى أمر به عقيب المناسك كلها. وقيل: هو طواف الإفاضة بعد التعريف إما يوم النحر وإما بعده وهو طواف الزيارة. وروى أصحابنا: أن المراد به ههنا طواف النساء الذي يستباح به وطء النساء وهو زيادة على طواف الزيارة للحج، والعموم يتناول الجميع.
باب فرائض الحج وسننه وما يجري مجراها:
اعلم أن فرائض الحج المفرد والقارن عشر احتججنا من القرآن تصريحا وتلويحا وتبيينا وإشارة، فإن الثمانية الأشياء التي وجبت في العمرة التي يتمتع بها إلى الحج تسقط في الإفراد والقران، ومن حج مفردا فعليه عمرة الاسلام بعد الحج مبتولة منه.
وقوله تعالى: الحج أشهر معلومات. أي أشهر الحج أشهر معلومات أو الحج حج أشهر معلومات ليكون الثاني هو الأول في المعنى فحذف المضاف أي لا حج إلا في هذه الأشهر، وقد يجوز أن يجعل " الأشهر " الحج على الاتساع لكونه فيها ولكثرته من الفاعلين له لقول الخنساء: فإنما هي إقبال وإدبار أي أشهر الحج أشهر مؤقتة معينة لا يجوز فيها التبديل والتغيير بالتقديم والتأخير اللذين كان يفعلهما النساء، قال الله تعالى: إنما النسئ زيادة في الكفر. وقد ذكر أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة عندنا على ما روي عن أبي جعفر ع وقيل: هو شوال وذو القعدة وذو الحجة. وروي ذلك أيضا في أخبارنا، وروي: تسع من ذي الحجة. ولا تنافي بينها لأن على الرواية الأخيرة لا يصح الإحرام بالحج إلا فيها، وعندنا لا يصح الإحرام بالعمرة التي يتمتع بها إلى الحج إلا بالرواية الأولى. ومن قال: إن جميع ذي الحجة من أشهر الحج، قال لأنه يصح أن يقع فيها بعض أفعال الحج مثل صوم الأيام الثلاثة وذبح الهدي.