أصواتهم بالتلبية فإنها من شعار الحج.
ورووا عنه ع أنه قال لعائشة: انفضي رأسك وامتشطي واغتسلي ودعي العمرة وأهلي بالحج. والإهلال التلبية فالأمر دل على الوجوب، فإن خالفوا بأن المراد بالإهلال التلبية وادعوا أن المراد بها الإحرام كان ذلك واضح البطلان لأن اللغة تشهد بما ذكرناه وكل أهل العربية قالوا: استهل الصبي إذا رفع صوته عند الولادة صارخا.
قالوا: ومثله استهلال الحج الذي هو رفع الصوت بالتلبية وكذلك استهلال السماء بالمطر إنما هو صوت وقعه على الأرض.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن من طاف طواف الزيارة فقد تحلل من كل شئ كان به محرما إلا النساء فليس له وطؤهن إلا بطواف آخر متى فعله حللن له وهو الذي يسمى طواف النساء. وخالف باقي الفقهاء في ذلك، فإذا قيل: هذا هو طواف الصدر، وعند أبي حنيفة أنه واجب ومن تركه لغير عذر كان عليه دم شاة، والشافعي في أحد قوليه يوافق به أبا حنيفة في أنه واجب، قلنا: من أوجب طواف الصدر وهو طواف الوداع فإنه لا يقول: إن النساء يحللن به. بل يقول: إن النساء حللن بطواف الزيارة فانفرادنا بذلك صحيح.
والحجة لنا الاجماع المتردد وأنه لا خلاف في أن النبي ص فعله وقد روي عنه ع أنه قال: خذوا عني مناسكك. وروي عنه ص أيضا أنه قال: من حج هذا البيت فليكن آخر عهده الطواف. وظاهر الأمر الوجوب.
فإن قالوا: لو كان هذا الطواف واجبا لأثر في التحلل. قلنا:
يؤثر عندنا في التحلل على ما شرحناه، وإنما يلزم هذا الكلام أبا حنيفة. وكذلك إن قالوا: كان يجب أن يلزم المكي لأنه يلزم عندنا المكي إذا أراد التحلل وإتيان النساء.