فصل:
قوله تعالى: ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر، لا يدل على أن السعي بين الصفا والمروة مستحب متطوع لأن معناه ومن تطوع خيرا بالصعود على الصفا والمروة فهو المجازى بالثواب على تطوعه، وفي من لم يصعد ولم يقف على رؤوسهما وسعى وطاف بينهما من طرف هذا إلى طرف تلك ومن طرف تلك إلى طرف هذا هكذا سبعا فقد أدى الواجب فلا جناح عليه.
وقال أنس وعطاء: إن جميع ذلك تطوع، وبه قال أبو حنيفة. وعندنا أن من ترك الطواف بينهما متعمدا فلا حج له حتى يعود ويسعى وبه قالت عائشة والشافعي. وقال أبو حنيفة: إن عاد فحسن وإلا جبره بدم. وقال عطاء ومجاهد: يجزئه ولا شئ عليه.
وقال المفسرون في معنى قوله: ومن تطوع خيرا، ثلاثة أقوال: أولها من تطوع خيرا أي الحج أو العمرة بعد الفريضة، والثاني ومن تطوع خيرا أي بالطواف بهما عند من قال: إنهما نفل، والثالث ومن تطوع خيرا بعد الفرائض كمن طاف بالبيت الطوافات النافلة بعد الفراع من مناسك الحج، وهذا هو الأولى لأنه أعم.
وقال الجبائي: التقدير فلا جناح عليه أن يطوف بهما، وهو غير صحيح لأن الحذف يحتاج إلى دليل، والفرق بين الفرض والتطوع أن الفرض يستحق بتركه الذم والعقاب والتطوع لا مدخل لهما في تركه. وعن الصادق ع: أن آدم الصفي نزل على الصفا وحواء على المروة وهي مرأة تسميا بهما. والتقصير بعد الفراع من هذه العمرة واجب، قال تعالى: محلقين رؤوسكم ومقصرين.
فصل:
وإذا كان يوم التروية وقد فرع من العمرة التي يتمتع بها إلى الحج وأراد الإحرام للحج وهو واجب نوى وأحرم عند مقام إبراهيم ولبى، وكل هذه الثلاثة واجب يدل عليه الآيات التي تلوناها من قبل وقال تعالى أيضا: ما آتاكم الرسول فخذوه.