فصل:
واعلم أن عندنا وعند الشافعي العمرة واجبة كوجوب حجة الاسلام لأن الله قال:
وأتموا الحج والعمرة لله، فكأنه قال: وأتموا الحج وأتموا العمرة.
واختلفوا في معنى إتمامهما، فقال مجاهد والمبرد والجبائي: إنه يجب إجراء أعمالهما بعد الدخول فيهما. وقال ابن جبير وعطاء والسدي: إن معناه إقامتهما إلى آخر ما فيهما لأنهما واجبان. وقال طاووس: إتمامهما إفرادهما. وقال أهل الكوفة: العمرة مسنونة، فمن قال: إنها غير واجبة، قال لأن الله أمر بإتمام الحج وإتمام الحج ووجوب إتمامه لا يدل على أنه واجب قبل ذلك كما أن الحج المتطوع به يجب إتمامه وإن لم يجب أولا الدخول فيه. قالوا: وإنما علمنا وجوب الحج بقوله: ولله على الناس حج البيت... الآية، وإجماع الفرقة المحقة على أن عمرة الاسلام واجبة كحجة الاسلام، وقد بينا أن معنى " أتموا الحج والعمرة " أقيموهما وهو الذي رووه عن علي وزين العابدين ع، وبه قال مسروق والسدي.
وللمفسرين في المتمتع أقوال:
روى أنس بن مالك: أن النبي ص أهل بالعمرة وحجه وسماه قرانا، وأنكره ابن عمر.
والثاني: روي عن ابن عباس وابن عمر وابن المسيب وعطاء والجبائي: هو أن يعتمر في أشهر الحج ثم يدخل مكة فيطوف ويسعى ويقصر ثم يقيم حلالا إلى يوم التروية فيهل فيه بالحج من مكة ثم يحج، وهذا كما قلناه سواء. وقال البلخي: هذا الضرب كرهه عمر ونهى عنه.
والثالث: هو الناسخ للحج بالعمرة، روى جابر وأبو سعيد الخدري: أن النبي ع أمرهم وقد أهلوا بالحج لا ينوون غيره أن يعتمروا وينقلوا نياتهم إلى العمرة التي يتمتع بها إلى الحج ثم يحلوا إلى وقت الحج، وهذا عندنا جائز أن يفعل.
وقوله تعالى: وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر. قال جماعة: هو الحج الذي فيه الوقوف بعرفة والمشعر والنسك بمنى، والحج الأصغر العمرة.