يلتمس أرباحا في تجاراتهم من الله وأن يرضى عنهم بنسكهم، فأما من قصد البيت ظلما لأهله وجب منعه ودفعه.
باب نهي المحرم من الإخلال والتعدي والتقصير:
قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد. هذا خطاب من الله للمؤمنين وقسم منه تعالى أي ليختبرن طاعتكم من معصيتكم بشئ من الصيد وأصله إظهار باطن الحال والمعنى يعرضكم بأمره ونهيه لأن يظهر ما في نفوسكم وهو خاف في الحال، وسمي ذلك اختبارا لأنه شبيه في الظاهر باختبار الناس وإن كان المختبر لا يعلم ما يكون من المختبر والله عالم بما يكون من المكلف بكل جلي وخفي ومضمر ومنوي، والمعنى ليظهر طاعتكم من معصيتكم.
ومن في قوله " من الصيد " للتبعيض ويحتمل وجهين: أحدهما أن يكون عني صيد البر دون صيد البحر، والآخر أن يكون لما عني الصيد ما داموا في الإحرام أوفي الحرم أو في الإحرام والحرم كان ذلك بعض الصيد. ويجوز أن تكون " من " لتبيين الجنس وأراد بالصيد المصيد بدلالة قوله تعالى: تناله أيديكم ورماحكم، ولو كان الصيد هنا مصدرا كان حدثا فلا يوصف بمثل اليد والرمح وإنما يوصف به ما كان عينا.
وقال أصحاب المعاني: امتحن الله أمة محمد ص بصيد البر كما امتحن أمة موسى ع بصيد البحر. ولما تقدم في أول السورة تحريم الصيد على المحرم مجملا بين سبحانه ذلك ههنا فقال: ليختبرن الله تعالى طاعتكم من معصيتكم بشئ من الصيد. أي بتحريم شئ من الصيد وبعض منه.
والذي تناله الأيدي فراخ الطير وصغار الوحش والبيض، والذي تناله الرماح الكبار من الصيد عن ابن عباس وهو المروي عن الصادق ع. وقيل: المراد به صيد الحرم ينال بالأيدي والرماح لأنه يأنس بالناس ولا ينفر منهم فيه كما ينفر في الحل وذلك آية من آيات الله. وقيل: المراد به ما قرب وما بعد من الصيد. وجاء في التفسير أنه يعني به حمام مكة وهي تفرخ في بيوت مكة في السقف وعلى الحيطان فربما كانت الفراخ