وقوله: فلا إثم عليه. قيل فيه قولان: أحدهما لا إثم عليه لتكفير سيئاته مما كان من حجه المبرور وببركته تفضل الله بالمغفرة لذنوبه وهو معنى قول ابن مسعود. الثاني قال الحسن: لا إثم عليه في تعجله ولا تأخره وإنما نفى الإثم لئلا يتوهم ذلك متوهم في التعجيل وجاء في التأخير على مزاوجة الكلام كما يقول: إن أظهرت الصدقة فجائز وإن أسررتها فجائز والإسرار أفضل. ويمكن أن يقال: إن الأول معناه لا حرج عليه، والثاني معناه لم يبق عليه إثم فقد غفر له جميع ذنوبه فيكون جمعا للقولين المتقدمين.
وقوله: لمن اتقى. فيه قولان: أحدهما لما قال: فلا إثم عليه، دل على وعده بالثواب وعلقه بالتقوى لئلا يتوهم أنه بالطاعة في النفر فقط. الثاني إنه لا إثم عليه في تعجله إذا لم يعمل لضرب من ضروب الفساد ولكن لاتباع إذن الله فيه. وقيل: هو التحذير في الاتكال على ما سلف من أعمال البر في الحج فبين أن عليهم مع ذلك ملازمة التقوى ومجانبة المعاصي. وقد روى أصحابنا: أن قوله: لمن اتقى، متعلق بالتعجل في يومين فلا إثم عليه لمن اتقى الصيد إن شاء نفر في النفر الأول وإن شاء وقف إلى انقضاء النفر الأخير، ومن لم يتق الصيد فلا يجوز له النفر في الأول، وهو اختيار الفراء وهو قول ابن عباس.
وروي عن الصادق ع في قوله: فمن تعجل في يومين. أي من مات في هذين اليومين فقد كفر عنه كل ذنب " ومن تأخر " أي أنسئ أجله فلا إثم عليه بعدها إذا اتقى الكبائر. والتقدير ذلك لمن اتقى أو جعلناه لمن اتقى، وقيل: العامل فلا إثم عليه.
قوله: وإذا حللتم فاصطادوا. أي إذا حللتم من إحرامكم وخرجتم من الحرم فاصطادوا الصيد الذي نهيتم أن تحلوه إن شئتم فالسبب المحرم له زال وهو إباحة أي لا حرج عليكم في صيده بعد ذلك.
باب ما يجب على المحرم اجتنابه:
قد تقدم القول في كثير من ذلك وقد عد مشائخنا التروك المفروضة والمكروهة في الحج والعمرة، فمحضورات الإحرام ستة وثلاثون شيئا، ومحظورات الطواف والسعي والذبح