كتاب الحج المسألة السادسة والثلاثون والمائة:
الاستطاعة هي الزاد وصحة البدن. عندنا أن الاستطاعة التي يجب معها الحج صحة البدن وارتفاع الموانع والزاد والراحلة، وزاد كثير من أصحابنا أن يكون له سعة يحج ببعضها ويبقى بعضها لقوت عياله. وقال الشافعي في استطاعة الحج مثل قولنا بعينه واعتبر صحة الجسم والتمكن من الثبوت على الراحلة والزاد ونفقة طريقه إلى حجه ذاهبا وجائيا إن كان السفر من بلده ونفقة عياله مدة غيبته. وروي عن عمرو ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن البصري والثوري وأبي حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق: اعتبار الزاد والراحلة وصحة الجسم والتمكن من الثبوت على الراحلة، وقال مالك: إن الراحلة لا يعتبر في وجوب الحج ومن أطاق الحج لزمه الحج ماشيا فأما الزاد فلا يعتبر القدرة عليه وحصوله بل إن كان ذا صنعة يمكنه الاكتساب بها في طريقه لزمه الحج وإن لم يكن ذا صنعة وكان يحسن السؤال وجرت عادته به لزمه أيضا الحج فإن لم تجر عادته به لم يلزمه، دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتكرر ذكره أنه لا خلاف في أن من حاله ما ذكرناه أن الحج يلزمه. فمن ادعى أن الصحيح الجسم إذا خلا من سائر الشرائط التي ذكرناها يلزمه الحج فقد ادعى وجوب حكم شرعي في الذمة وعليه الدليل، لأن الأصل براءة الذمة وأيضا قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا. والاستطاعة في عرف الشرع وعهد اللغة أيضا عبارة عن تسهيل الأمر وارتفاع المشقة فيه وليست بعبارة عن مجرد القدرة، ألا ترى أنهم يقولون: ما أستطيع النظر إلى