إلا الذي للفكر فيه مداخل * والواقفي مماثل للجاحد لا تعبد الأقوام غير عقولهم * والناس بين مسلم ومعاند قال الله عز وجل وإلهكم إله واحد وقال تعالى لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا وقال سبحانه إني جاعل في الأرض خليفة وقال رسول الله ص إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما وقال ص الخلفاء من قريش والتقرش التقبض والاجتماع ولما كانت هذه القبيلة جمعت قبائل سميت قريشا أي مجموع قبائل ومنها حيوان بحري يقال له القرش رأيته وهو متقبض مجتمع وكذلك الإمام إن لم يكن متصفا بأخلاق من استخلفه جامعا لها مما يحتاج إليه من استخلف عليهم وإلا فلا تصح خلافته فهو الواحد المجموع فأحديته أحدية الجمع وله من الأيام يوم الجمعة وهو الاجتماع في المصر على إمام واحد وله من الأحوال الصلاة لأنه لا يقيمها إلا إمام واحد في الجماعة ويكون أقرأهم أي أكثرهم جمعا للقرآن وله من مراتب العلوم علوم الأنوار وإن لم يعط علوم الأسرار فلا يبالي صاحب هذا المقام فإن الصلاة نور والنور يهتدى به ولا بد للإمام من نور يكشف به ويمشي به في العالم الذي ولاة الله عليهم وقد توفرت همم العالم في كل قرية أو بلدة أو جماعة أن يكون لهم رأس يرجعون إليه ويكونون تحت أمره وكان رسول الله ص إذا بعث سرية ولو كانت السرية رجلين أمر أحدهما وهو مقام شريف له علم خاص من كان فيه ذلك العلم ينبغي أن يكون إماما ألا ترى لما طعنت الصحابة في إمارة أسامة بن زيد لما قدمه رسول الله ص على الجيش فبرز خارج المدينة وأمره أن يطأ بجيشه ذلك أرض الروم وفي جملة الجيش أبو بكر وعمر فقال رسول الله ص للطاعنين في إمارته طال والله ما طعنتم في إمارة أبيه قبل ذلك أما والله إنه لخليق بها أو جدير بها وقد طعنت الملائكة في خلافة آدم ع فأجابهم الله على ذلك كما أجاب رسول الله ص في حق أسامة تخلقا بأخلاق الله في ذلك واتخاذ الإمام واجب شرعا مع كونه موجودا في فطرة العالم أعني طلب نصب الإمام فإن قلت فما نص الشارع بالأمر على اتخاذ الإمام فمن أين يكون واجبا قلنا إن الله تعالى قد أمر بإقامة الدين بلا شك ولا سبيل إلى إقامته إلا بوجود الأمان في أنفس الناس على أنفسهم وأموالهم وأهليهم من تعدى بعضهم على بعض وذلك لا يكون أبدا ما لم يكن ثم من تخاف سطوته وترجى رحمته يرجع أمرهم إليه ويجتمعون عليه فإذا تفرغت قلوبهم من الخوف الذي كانوا يخافونه على أموالهم ونفوسهم وأهليهم تفرغوا إلى إقامة الدين الذي أوجب الله عليهم إقامته وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب فاتخاذ الإمام واجب ويجب أن يكون واحدا لئلا يختلفا فيؤدي إلى امتناع وقوع المصلحة وإلى الفساد فقد تبين لك ما المراد بتوحيد الله الذي أمرنا بالعلم به أنه توحيد الألوهية له سبحانه لا إله إلا هو قال تعالى فاعلم أنه لا إله إلا الله ولم يقل فاعلم أنه لا تنقسم ذاته ولا أنه ليس بمركب ولا أنه مركب من شئ ولا أنه جسم ولا أنه ليس بجسم بل قال في صفته إنه ليس كمثله شئ ولما لم يتعرض الحق سبحانه إلى تعريف عباده بما خاضوا فيه بعقولهم ولا أمرهم الله في كتابه بالنظر الفكري إلا ليستدلوا بذلك على أنه إله واحد أي أنها لا تدل إلا على الوحدانية في المرتبة فلا تتخذوا الهين اثنين إنما هو إله واحد فزادوا في النظر وخرجوا عن المقصود الذي كلفوه فأثبتوا له صفات لم يثبتها لنفسه ونفت عنه طائفة أخرى تلك الصفات ولم ينفها عن نفسه ولا نص عليها في كتابه ولا على السنة أنبيائه ثم اختلفوا في إطلاق الأسماء عليه فمنهم من أطلق عليه ما لم يطلق على نفسه وإن كان اسم تنزيه ولكنه فضول من القائل به والخائض فيه ثم أخذوا يتكلمون في ذاته وقد نهاهم الشرع عن التفكر في ذاته جل وتعالى وقد قال سبحانه ويحذركم الله نفسه أي لا تتعرضوا للتفكر فيها فانضاف إلى فضولهم عصيان الشرع بالخوض فيما نهوا عنه فمن قائل هو جسم ومن قائل ليس بجسم ومن قائل هو جوهر ومن قائل ليس بجوهر ومن قائل هو في جهة ومن قائل ليس في جهة وما أمر الله أحدا من خلقه بالخوض في ذلك جملة واحدة لا النافي ولا المثبت ولو سألوا عن تحقيق معرفة ذات واحدة من العالم ما عرفوها ولو قيل لهذا الخائض كيف تدبير نفسك لبدنك وهل هي داخلة فيه أو خارجة عنه أو لا داخلة ولا خارجة وانظر بعقلك في ذلك وهل هذا الزائد الذي يتحرك به هذا الجسم الحيواني ويبصر ويسمع ويتخيل ويتفكر لماذا يرجع هل
(٨١)