من الطب علم تقويم الصحة كما أنه بالأبدال تنحفظ الأقاليم وبالأوتاد ينحفظ الجنوب والشمال والمغرب والمشرق وبالإمامين ينحفظ عالم الغيب الذي في عالم الدنيا وعالم الشهادة وهو ما أدركه الحس وبالقطب ينحفظ جميع هؤلاء فإنه الذي يدور عليه أمر عالم الكون والفساد وهؤلاء على قلب أربعة عشر نبيا وهم آدم وإدريس ونوح وإبراهيم ويوسف وهود وصالح وموسى وداود وسليمان ويحيى وهارون وعيسى ومحمد سلام الله عليهم وعلى المرسلين والحمد لله رب العالمين ولكل واحد ممن ذكرنا طريق يخصه وعلم ينصه وخبر يقصه ويرثه من ذكرناه ممن ليست له نبوة التشريع وإن كانت له النبوة العامة فلنذكر من ذلك ما تيسر فإنه يطول الشرح فيه ويتفرع إلى ما لا يكاد أن ينحصر ولهم من الأسماء الإلهية الله والرب والهادي والرحيم والرحمن والشافي والقاهر والمميت والمحيي والجميل والقادر والخالق والجواد والمقسط كل اسم إلهي من هذه ينظر إلى قلب نبي ممن ذكرنا وكل نبي يفيض على كل وارث فالنبي كالبرزخ بين الأسماء والورثة ولهم من حروف المعجم حروف أوائل السور وهي الألف واللام والميم والصاد والراء والكاف والهاء والياء والعين والطاء والسين والحاء والقاف والنون هذا لهم من حيث الإمداد الإلهي الذي يأتيهم في قلوبهم وإنما الذي يأتيهم من الحروف في صور خيالهم بالإمداد أيضا فالدال فالذال والعين والنون والصاد والراء والألف والطاء والحاء والواو والضاد والغين واللام والميم والتاء والكاف والباء والسين والقاف والياء والهاء والحرف المركب من لام ألف الذي هو للحروف بمنزلة الجوهر وهذه الحروف من عالم الأنفاس الإلهية وما تركب من الكلمات من هذه الحروف خاصة مما وقع عليها الاصطلاح في كل لسان بما تكون به الفائدة في ذلك اللسان فإن تلك الكلمات لها على ما قيل لي خواص في العالم ليست لسائر الكلم وأما الأرواح النورية فعين لهؤلاء الأنبياء منهم أربعة عشر روحا من أمر الله ينزلون من الأسماء التي ذكرناها الإلهية على قلوب الأنبياء وتلقيها حقائق الأنبياء ع على قلوب من ذكرناه من الورثة ويحصل للفرد الواحد من الأفراد وراثة الجماعة المذكورة فيأخذون علم الورث من طريق المذكورين من الأرواح الملكية والأنبياء البشريين ويأخذون بالوجه الخاص من الأسماء الإلهية علوما لا يعلمها من ذكرناه سوى محمد ص فإن له هذا العلم كله لأنه أخبر أنه قد علم علم الأولين وعلم الآخرين اعلم أن لله كنوزا في الطبيعة التي تحت عرش العماء اكتنز فيها أمورا فيها سعادة العباد كاختزان الذهب في المعدن وصور هذه الكنوز صور الكلمات المركبة من الحروف اللفظية فلا تظهر إذا أراد الله إظهارها إلا على ظهر أرض أجسام البشر على ألسنتهم وإنفاقها والانتفاع بها عين التلفظ بها مثل قول الإنسان لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فهذه الكلمات من الكنوز المنصوص عليها من الله على لسان رسوله ص وأول ما أظهرها الله تعالى على لسان آدم ع فهو أول من أنفق من هذا الكنز في الطواف بالكعبة حين أنزله جبريل فطاف به بالكعبة فسأله ما كنتم تقولون في طوافكم بهذا البيت فقال جبريل ع كنا نقول في طوافنا بهذا البيت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فأعطى الله آدم وبنيه من حيث لا تعلمه الملائكة كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فقال آدم لجبريل ع وأزيدكم أنا لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فبقيت سنة في الذكر في الطواف لبنيه ولكل طائف به إلى يوم القيامة فأخبر رسول الله ص أن هذه الكلمة أعطيها آدم ع من كنز من تحت العرش فالكنوز المكتنزة تحت العرش إنما هي مكتنزة في نشأتنا فإذا أراد الله إظهار كنز منها أظهره على ألسنتنا وجعل ذلك قربة إليه فانفاقه النطق به وهكذا جميع ما اكتنزه مما فيه قربة وما ليس بقربة فما هو مكتنز بل يخلق في الوقت في لسان العبد وكانت صورة اختزانه إذ لا يختزن إلا أمر وجودي أن الله لما أراد إيجاد هذا المكتنز تجلى في صورة آدمية ثم تكلم بهذا الأمر الذي يريد أن يكتنزه لنا أو لمن شاء من خلقه فإذا تكلم به أسمعه ذلك المكان الذي يختزنه فيه فيمسك عليه فإذا أنشأ الله ذلك المكان صورة ظهر هذا الكنز في نطق تلك الصورة فانتفع بظهوره عند الله ثم لم يزل ينتقل في السنة الذاكرين به دائما أبدا ولم يكن كنزا إلا فيمن ظهر منه ابتداء لا في كل من ظهر منه بحكم الانتقال والحفظ وهكذا
(٥٢٠)