وأغناني فروحني علوا * وأفقرني فأصحبني ضريحي فإن حضروا وضمهم مقام * إليهم حين أبصرهم جنوحي فبر الوالدين على فرض * فيا نفسي على التفريط نوحي أنا ابن محمد وأنا ابن نوح * كما أني ابن آدم في الصحيح فيا من يفهم الألغاز هذا * لسان رموزنا بالعلم يوحي اعلم أيدك الله أن أصل أرواحنا روح محمد ص فهو أول الآباء روحا وآدم أول الآباء جسما ونوح أول رسول أرسل ومن كان قبله إنما كانوا أنبياء كل واحد على شريعة من ربه فمن شاء دخل في شرعه معه ومن شاء لم يدخل فمن دخل ثم رجع كان كافرا ومن لم يدخل فليس بكافر ومن أدخل نفسه في الفضول وكذب الأنبياء كان كافرا ومن لم يفعل وبقي على البراءة لم يكن كافرا وأما قوله تعالى وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ليس بنص في الرسالة وإنما هو نص في إن في كل أمة عالما بالله وبأمور الآخرة وذلك هو النبي لا الرسول ولو كان الرسول لقال إليها ولم يقل فيها ونحن نقول إنه كان فيهم أنبياء عالمون بالله ومن شاء وافقهم ودخل معهم في دينهم وتحت حكم شريعتهم كان ومن لم يشأ لم يكلف ذلك وكان إدريس ع منهم ولم يجئ له نص في القرآن برسالته بل قيل فيه صديقا نبيا فأول شخص استفتحت به الرسالة نوح ع وأول روح إنساني وجد روح محمد وأول جسم إنساني وجد جسم آدم وللوارثة حظ من الرسالة ولهذا قيل في معاذ وغيره رسول رسول الله وما فاز بهذه الرتبة ويحشر يوم القيامة مع الرسل إلا المحدثون الذين يروون الأحاديث بالأسانيد المتصلة بالرسول ع في كل أمة فلهم حظ في الرسالة وهم نقلة الوحي وهم ورثة الأنبياء في التبليغ والفقهاء إذا لم يكن لهم نصيب في رواية الحديث فليست لهم هذه الدرجة ولا يحشرون مع الرسل بل يحشرون في عامة الناس ولا ينطلق اسم العلماء إلا على أهل الحديث وهم الأئمة على الحقيقة وكذلك الزهاد والعباد وأهل الآخرة من لم يكن من أهل الحديث منهم كان حكمه حكم الفقهاء لا يتميزون في الوراثة ولا يحشرون مع الرسل بل يحشرون مع عموم الناس ويتميزون عنهم بأعمالهم الصالحة لا غير كما أن الفقهاء أهل الاجتهاد يتميزون بعلمهم عن العامة ومن كان من الصالحين ممن كان له حديث مع النبي ص في كشفه وصحبه في عالم الكشف والشهود وأخذ عنه حشر معه يوم القيامة وكان من الصحابة الذين صحبوه في أشرف موطن وعلى أسنى حالة ومن لم يكن له هذا الكشف فليس منهم ولا يلحق بهذه الدرجة صاحب النوم ولا يسمى صاحبا ولو رآه في كل منام حتى يراه وهو مستيقظ كشفا يخاطبه ويأخذ عنه ويصحح له من الأحاديث ما وقع فيه الطعن من جهة طريقها فهؤلاء الآباء الثلاثة هم آباؤنا فيما ذكرناه والأب الرابع هو إبراهيم ع هو أبونا في الإسلام وهو الذي سمانا مسلمين وأقام البيت على أربع أركان فقام الدليل على أربع مفردات متناسبة وكانت النتيجة تناسب المقدمات فانظر من كانت هذه مقدماته وهو محمد وآدم ونوح وإبراهيم ع ما أشرف ما تكون النتيجة والولد عن هؤلاء الآباء روح طاهر وجسد طاهر ورسالة وشرع طاهر واسم شريف طاهر ومن كان أبو هؤلاء المذكورين فلا أسعد منه وهو أرفع الأولياء منصبا ومكانة ولما كانت النشأة ظهرت في الجنان أو لا واتفق هبوطها إلى الأرض من أجل الخلافة لا عقوبة المعصية فإن العقوبة حصلت بظهور السوآت والاجتباء والتوبة قد حصلا بتلقي الكلمات الإلهية فلم يبق النزول إلا للخلافة فكان هبوط تشريف وتكريم ليرجع إلى الآخرة بالجم الغفير من أولاده السعداء من الرسل والأنبياء والأولياء والمؤمنين ولكن الخلافة لما كانت ربوبية في الظاهر لأنه يظهر بحكم الملك فيتصرف في الملك بصفات سيده ظاهرا وإن كانت عبوديته له مشهودة في باطنه فلم تعم عبوديته جميعه عند رعيته الذين هم أتباعه وظهر ملكه بهم وبأتباعهم والأخذ عنه فكان في مجاورتهم بالظاهر أقرب وبذلك المقدار يستتر عنه من عبوديته فإن الحقائق تعطي ذلك ولذلك كثيرا ما ينزل في الوحي على الأنبياء قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي وهذه آية دواء لهذه العلة فبهذا المقدار كانت أحوال الأنبياء الرسل في الدنيا البكاء والنوح فإنه موضع تتقي فتنته ومن كان ذلك حاله أعني التقوى والاتقاء كيف يفرح
(٥٠)