فإيمانهم بالباطل إيمان تنزيه وكفرهم أي سترهم نسبة الوجود إلى الله لما وقع في ذلك من الاشتراك ولذلك قال تعالى أولئك هم الخاسرون لأنهم خسروا في تجارتهم وجود ربح إظهار تمام الأمر على ما هو عليه فاشتروا الضلالة بالهدى أي الحيرة بالبيان فأخذوا الحيرة وعلموا إن الأمر عظيم وأن البيان تقيد وهو لا يتقيد فآثروا الحيرة على البيان وأما أصحاب العقل السليم والنظر الصحيح والايمان العام فهم الذين أثبتوا الحيرة في مقامها وموطنها فقال ص زدني فيك تحيرا وأثبتوا البيان في مقامه الذي لا يتمكن معرفة ذلك الأمر إلا بالبيان ولا يقبل الحيرة فأعطوا كل ذي حق حقه ووضعوا الحكمة في موضعها فالكل مؤمنون فإن الله سماهم مؤمنين كما سماهم كافرين ومشركين وجعلهم على مراتب في إيمانهم ولهذا قال ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم فيما آمنوا به كما زادهم مرضا ورجسا إلى رجسهم فيما كفروا به فمنهم الصادق والأصدق فينصر الله المؤمن الذي لم يدخله خلل في إيمانه على من دخله خلل في إيمانه فإن الله يخذله على قدر ما دخله من الخلل أي مؤمن كان من المؤمنين فالمؤمن الكامل الايمان منصور أبدا ولهذا ما انهزم نبي قط ولا ولي ألا ترى يوم حنين لما ادعت الصحابة رضي الله عنهم توحيد الله ثم رأوا كثرتهم فأعجبتهم كثرتهم فنسوا الله عند ذلك فلم تغن عنهم كثرتهم شيئا كما لم تغن أولئك آلهتهم من الله شيئا مع كون الصحابة مؤمنين بلا شك ولكن دخلهم الخلل باعتمادهم على الكثرة ونسوا قول الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله فما أذن الله هنا إلا للغلبة فأوجدها فغلبتهم الفئة القليلة بها عن إذن الله فما ثم إلا الله ليس سواه * وكل بصير بالوجود يراه وأما تأثير الصدق فمشهود في أشخاص ما لهم تلك المكانة من أسباب السعادة التي جاءت بها الشرائع ولكن لهم القدم الراسخ في الصدق فيقتلون بالهمة وهي الصدق قيل لأبي يزيد أرنا اسم الله الأعظم فقال لهم أرونا الأصغر حتى أريكم الأعظم أسماء الله كلها عظيمة فما هو إلا الصدق أصدق وخذ أي اسم شئت فإنك تفعل به ما شئت وبه أحيا أبو يزيد النملة وأحيا ذو النون ابن المرأة التي ابتلعه التمساح فإن فهمت فقد فتحت لك بابا من أبواب سعادتك إن عملت عليه أسعدك الله حيث كنت ولن تخطئ أبدا ومن هنا تكون في راحة مع الله إذا كانت الغلبة للكافرين على المسلمين فتعلم إن إيمانهم تزلزل ودخله الخلل وأن الكافرين فيما آمنوا به من الباطل والمشركين لم يتخلخل إيمانهم ولا تزلزلوا فيه فالنصر أخو الصدق حيث كان يتبعه ولو كان خلاف هذا ما انهزم المسلمون قط كما أنه لم ينهزم نبي قط وأنت تشاهد غلبة الكفار ونصرتهم في وقت وغلبة المسلمين ونصرتهم في وقت والصادق من الفريقين لا ينهزم جملة واحدة بل لا يزال ثابتا حتى يقتل أو ينصرف من غير هزيمة وعلى هذه القدم وزراء المهدي وهذا هو الذي يقررونه في نفوس أصحاب المهدي ألا تراهم بالتكبير يفتحون مدينة الروم فيكبرون التكبيرة الأولى فيسقط ثلث سورها ويكبرون الثانية فيسقط الثلث الثاني من السور ويكبرون الثالثة فيسقط الثلث الثالث فيفتحونها من غير سيف فهذا عين الصدق الذي ذكرنا وهم جماعة أعني وزراء المهدي دون العشرة وإذا علم الإمام المهدي هذا عمل به فيكون أصدق أهل زمانه فوزراؤه الهداة وهو المهدي فهذا القدر يحصل للمهدي من العلم بالله على أيدي وزرائه وأما ختم الولاية المحمدية فهو أعلم الخلق بالله لا يكون في زمانه ولا بعد زمانه أعلم بالله وبمواقع الحكم منه فهو والقرآن إخوان كما إن المهدي والسيف إخوان وإنما شك رسول الله ص في مدة إقامته خليفة من خمس إلى تسع للشك الذي وقع في وزرائه لأنه لكل وزير معه سنة فإن كانوا خمسة عاش خمسة وإن كانوا سبعة عاش سبعة وإن كانوا تسعة عاش تسعة فإنه لكل عام أحوال مخصوصة وعلم ما يصلح في ذلك العام خص به وزير من وزرائه فما هم أقل من خمسة ولا أكثر من تسعة ويقتلون كلهم إلا واحدا منهم في مرج عكا في المائدة الإلهية التي جعلها الله مائدة لسباع الطير والهوام وذلك الواحد الذي يبقى لا أدري هل يكون ممن استثنى الله في قوله تعالى ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله أو يموت في تلك النفخة وأما الخضر الذي يقتله الدجال في زعمه لا في نفس الأمر وهو فتى ممتلئ شبابا هكذا يظهر له في عينه وقد قيل إن الشاب الذي يقتله الدجال في زعمه أنه واحد من أصحاب الكهف وليس ذلك بصحيح عندنا من طريق الكشف وظهور
(٣٢٩)