المشركين ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فهو تنبيه عجيب ولما قيل لهم اسجدوا للرحمن وما رأوا له عينا ولا يعلمونه إلا مسمى الله ولم يعلموا أنه عين مسمى الرحمن فتخيلوا في الرحمن أنه شريك لله فأنكروا ذلك ولم ينكروا ذلك فيمن نصبوه إلها على ما قررناه لأنهم عالمون بأسماء من نصبوهم آلهة من دون الله فعلموا بأسمائهم أنهم ليسوا في الحقيقة في الألوهة مثله فإن له تعالى عندهم توحيد العظمة والكبرياء ودلهم بالسجود للرحمن على عبادة غيب فقالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا لأنهم ما علموا في الغيب إلا إلها واحدا فقال الله لنبيه ص ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فتعجبوا من ذلك غاية العجب لأنهم تخيلوا أن مسمى الرحمن ليس هو مسمى الله وإن كان لكل واحد الأسماء الحسنى وذلك لما أعمى الله بصائرهم وكثف أغطيتهم فلم يعقلوا عن الله ما أراد بما أنزله في حقهم وجعل الحق ذلك أيضا مستندا لهم حيث جاء إليهم باسم يطلب مسمى لا يعرفون هذه العلامة له حين علم ذلك أهل الله وخاصته فالله والرب والرحمن والملك * حقائق كلها في الذات تشترك فالعين واحدة والحكم مشترك * لذا بدا الجسم والأرواح والفلك وكلها أدوات بين خالقنا * وبيننا ولهذا يضمن الدرك جاءت بها رسل الرحمن قاطبة * مع الكتاب الذي قد ساقه الملك واعلم أن العلم بالله له طريقان طريق يستقل العقل بإدراكه قبل ثبوت الشرع وهو يتعلق بأحديته في ألوهته وأنه لا شريك له وما يجب أن يكون عليه إلا له الواجب الوجود وليس له تعرض إلى العلم بذاته تعالى ومن تعرض بعقله إلى معرفة ذات الله فقد تعرض لأمر يعجز عنه ويسئ الأدب فيه وعرض نفسه لخطر عظيم وهذا الطريق هو الذي قال فيه الخليل إبراهيم ع لقومه أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون فنبههم على إن العلم بالله من كونه إلها واحدا في ألوهته من مدركات العقول فما أحالهم إلا على أمر يصح منه أن ينظر فيعلم ينظره ما هو الأمر عليه والطريق الآخر طريق للشرع بعد ثبوته فأتى بما أتى به العقل من جهة دليله وهو إثبات أحدية خالقه وما يجب له عز وجل والمسلك الآخر من العلم بالله العلم بما هو عليه في ذاته فوصفه بعد أن حكم العقل بدليله بعصمته فيما ينقله عن ربه من الخبر عنه سبحانه مع ليس كمثله شئ وإن لا يضرب له مثل بل هو الذي يضرب الأمثال لأنه يعلم ونحن لا نعلم فنسب إليه تعالى أمورا لا يتمكن للعقل من حيث دليله أن ينسبها إليه ولا يتمكن له ردها على من قام الدليل العقلي عنده على عصمته فأورثه ذلك حيرة بين الطريقين وكلا الطريقين صحيحان لا يقدر على الطعن على أحدهما فمن العقلاء من تأول تأويل تنزيه وتأييد وعضد تأويله بليس كمثله شئ وبقوله وما قدروا الله حق قدره ومن العقلاء من سلم علم ذلك إلى من جاء به أو إلى الله ومن العقلاء من أهل اللسان من شبه وعذر الله كل طائفة وما طلب من عباده في حقه إلا أن يعلموا أنه إله واحد لا شريك له في ألوهته لا غير وأن له الأسماء الحسنى بما هي عليه من المعاني في اللسان وقرن النجاة والسعادة بمن وقف عند ما جاء من عنده عز وجل في كتبه وعلى ألسنة رسله ع إذا أبان الحق عن نفسه * بنفسه في كتبه فاعتقد فما علينا من جناح به * وذلك العلم به فاعتقد فإن حظ العقل من علمه * به الذي ينفي وجود العدد وإنه في شأنه واحد * وإنه الله الذي لم يلد كذاك لم يولد ولمن رامه * بعقله عن فكره لا تزد وبرهان ذلك يا ولي اختلاف المقالات فيه من العقلاء النظار واتفاق المقالات فيه من كل من جاء من عنده من رسول ونبي وولي وكل مخبر عن الله ولو وقف العاقل من المؤمنين على معنى قوله في كتابه ولم يولد وعلم إن ما أنتجه العقل من فكره بتركيب مقدمتيه أن تلك النتيجة للعقل عليها ولادة وإنها مولودة عنه وهو قد نفى أن يولد فأين الايمان وليس المولود إلا عينه بخلاف ما إذا أنتج العقل نسبة الأحدية له فما معقولية الأحدية للواحد عبن من نسبت إليه
(٣١٠)