من روح وصورة فمن حيث صورتها تدل بحكم المطابقة على الإنسان ومن حيث روحها ومعناها تدل بحكم المطابقة على الله ولنا حالة وله حالة والأسماء تتبع تلك الأحوال فلنا التجريد عن الصور متى شئنا فالذي لنا من ذاتنا الصور ولكن من حقيقة ذاتنا أيضا التجرد عنها متى شئنا فتتبعنا الأسماء في حال تجريدنا من حيث أرواحها المجردة عن صورها وله التباس بالصور وهو بالذات غير صورة وبالذات أيضا يقبل التجلي لنا في الصور فتتبعه الأسماء عينها من حيث صورها إذا لبس الصورة متى شاء فالأمر بيننا وبينه على السواء مع الفرقان الموجود المحقق بأنه الخالق ونحن المخلوقون وهو الله وأنا الإنسان الخليفة فيشركنا في الخلافة لتحقق الصورة فإنه أمرنا أن تتخذه وكيلا والوكالة خلافة فالمختص به الذي يتميز به عني الاسم الله صورة ومعنى فإذا تجلى في الصورة انطلق عليه بحكم المطابقة صورة الاسم الله وإذا بقي على ما هو عليه من غير تقييد بصورة انطلق عليه روح الاسم الله وكذلك الإنسان هذا الاسم هو الذي يميزه عنه وله حالة البقاء على ما هي ذاته عليه من الصورة وله التجريد ولو لم يكن في العالم من هو على صورة الحق ما حصل المقصود من العلم بالحق أعني العلم الحادث في قوله كنت كنزا لم أعرف فأحببت إن أعرف فخلقت الخلق وتعرفت إليهم فعرفوني فجعل نفسه كنزا والكنز لا يكون إلا مكتنزا في شئ فلم يكن كنز الحق نفسه إلا في صورة الإنسان الكامل في شيئيته وثبوته هناك كان الحق مكنوزا فلما كسا الحق الإنسان ثوب شيئية الوجود ظهر الكنز بظهوره فعرفه الإنسان الكامل بوجوده وعلم أنه كان مكنوزا فيه في شيئية ثبوته وهو لا يشعر به فهذا قد أعلمتك بنسبة الأسماء إليه قال تعالى وعلم آدم الأسماء كلها ولفظة كل تقتضي الإحاطة والعموم وقال رسول الله ص في دعائه ربه اللهم إني أسألك بكل اسم سميت به نفسك فهذه إضافة حقيقية وهي إضافة الشئ إلى نفسه لما ذكر لفظين مختلفين صحت الإضافة كحق اليقين وعلم اليقين والعين واحدة وهي لفظة النفس وكاف الخطاب وإنما قلنا هذا من أجل أصحاب اللسان حيث قالوا من طريق الأدلة إن الشئ لا يضاف إلى نفسه وهو قول صحيح غير إن الإضافة هنا وقعت في الصورة والصورة صورتان فجاز إن تضاف الصورة الواحدة إلى الأخرى وهي النفس وكاف الخطاب وكحق اليقين وعلم اليقين وعين اليقين والوجه الآخر أن تكون النفس نفس الإنسان الكامل القابلة لجميع الأسماء الإلهية والكونية فإن الأسماء الكونية أيضا تدل بحكم المطابقة عليه إلا ما يختص به منها المحدث كالغنى لله والفقر للإنسان بل للعالم كله فتكون النفس هنا مضافة إلى كاف الخطاب وهو الحق وتكون إضافة ملك وتشريف واستحقاق فإضافة الملك كمثل مال زيد وإضافة تشريف كمثل عبد الملك وخديمه وإضافة الاستحقاق كسرج الدابة وباب البيت وهذه كلها سائغة في قوله نفسك إذا عني بها الإنسان مثل قول عيسى ع ولا أعلم ما في نفسك يعني بهذه النفس هنا نفس عيسى أضافها إلى الحق كما هي في نفس الأمر وهو أتم في الثناء على الله والتبري مما نسب إليه وقرر عليه واستفهم عنه من قوله أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله فقال له أنت تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما فيها إنك أنت علام الغيوب فإنه ما يكون فيها إلا ما تجعله أنت فكيف يستفهم من له الخلق والأمر ولم يقل له ما قلت إني إله لعلمه بأنه خليفة وإنسان كامل وأن الأسماء الإلهية له فقال له ما قلت لهم إلا ما أمرتني به ما زدت على ذلك شيئا وإذا قال القائل ما أمر به أن يقوله لم يلزم أن يقول كل ما هو عليه فإنه ما أمر أن يقوله وقد خرج عن العهدة بما بلغ وقال ص أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم غيبك فذكر أنه تعالى استأثر بشئ في علم غيبه مما لا يعلمه إلا هو وليس إلا ما يمكن أن يكون للإنسان الكامل لكن الله تعالى استأثر به في علم غيبه ما لا يعلمه إلا هو فعلم من الإنسان مما هو عليه ما لا يعلمه الإنسان الكامل من نفسه فهو غيب الحق لأنه المثل فاجتمع قول محمد ص وقول عيسى ع في أمر واحد وهو قوله ولا أعلم ما في نفسك وقول محمد ص أو استأثرت به في علم غيبك فالإنسان الكامل محل الأسماء كلها التي في قوته قبولها وما ليس في قوته قبولها فلا يتمكن له قبولها فليس ذلك من الأسماء التي يقال فيها إنه نقص عنها كالأسماء التي يختص بها الإنسان ولا يجوز أن تطلق على الله
(٢٦٧)