الشرع بخمسة أحكام منها جهتك وجهات الشيطان منك وأما جهته منك فلا حكم فيها للشرع وهي جهة معصومة لا يتنزل على القلب منها إلا العلوم الإلهية المحفوظة من الشوب ثم قيل له إذا كنت مؤمنا فكن عالما حتى لا تزلزلك الشبه وما علم لا يزلزل صاحبه الشبه إلا ما كان من الله فكل علم عن غير الله تزاحمه الشبه والشكوك في أوقات ثم قيل له لا يقيدك مقام فإنك محمدي فلا تكن وارثا لغيره تحز المال كله فمن ورثه من أمته زاد على سائر الأنبياء بصورة الظاهر فإنهم ما شهدوه حين أخذوا عنه رسالاتهم إلا باطنا كما يتميز على سائر الأنبياء من أدرك شريعته الظاهرة كعيسى ع وإلياس فهذان قد كمل لهم المقام المحمدي ثم قيل له الاستئذان في الخير دليل على الفتور والرغبة فإن استأذنت ربك في خير تعلم أنه خير فانظر فإن أجابك بالعمل به فحسن وإن خيرك فقد مكر بك واستدرجك وإن لم تقع عندك منه إجابة فاعلم إن في إيمانك ثلمة فإنك ما علمت أنه خير إلا من جهة الشارع والشارع الله فلأي شئ تستأذن بعد العلم فجدد إيمانك بين يديه وقل لا إله إلا الله محمد رسول الله آمنت بما جاء من عندك واشرع في العمل ولا تستأذن في شئ قط فإن الله عليك رقيب فهو يلهمك ما فيه مصالحك وميزان الشرع الذي شرع لك بيدك لا تضعه من يدك ساعة واحدة ولا نفسا واحدا بل لا يزال أهل الله مع الأنفاس في وزن ما هم عليه فهم الصيارفة النقاد ثم قيل له أنت على ملكك وعن ملكك زائل وعن بلدك راحل وعن الدنيا منتقل فلا تفرط في الزاد فإنك ما تأكل إلا ما تحمل معك ولا تشرب إلا ما ترفع معك في مزادتك فالطريق معطشة والبلاد مجدبة ثم قيل له لا تزد في العهود ويكفيك ما جبرت عليه ولهذا كره رسول الله ص النذر وأوجب الوفاء به لأنه من فضول الإنسان كما كان السؤال هو الذي أهلك الأمم قبل هذه الأمة من فضولهم فإن السؤال يوجب إنزال الأحكام وكما جرى في هذه الأمة من إثبات القياس والرأي فإن رسول الله ص كان يحب التقليل على أمته من التكليف وبالقياس كثر بلا شك فشغلوا نفوسهم بما كرهه رسول الله ص مع أن لهم في ذلك أجرا لأنهم أخطئوا في الاجتهاد في إثبات القياس بلا شك فالله ينفعهم بما قصدوا وأما سائر الأمة فلا يلزمهم إلا ما جاء عن الله وعن رسوله وما كان عن رأى أو قياس فهم فيه مخيرون إن اتبعوه وقلدوا صاحبه فما قلدوا إلا ما قرر الشارع حكمه في ذلك الشخص وفي هذا نظر فإنه ما أمرنا أن نسأل إلا أهل الذكر وهم أهل القرآن يقول الله تعالى إنا نحن نزلنا الذكر يريد القرآن ثم قيل له لا تسلك من الطرق إلا ما تقع لك فيه المنفعة والربح فإنها تجارة وهكذا سماها الله فقال هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ثم ذكر الايمان والجهاد وقال فما ربحت تجارتهم في حق من ابتاع الضلالة بما كان في يديه من الهدى ثم قيل له عليك بالالتجاء إلى من تعرف أنه لا يقاوم فإنه يحميك ثم قيل له عليك بآثار الأنبياء فإنها طرق المهتدين ثم قيل له إياك والحسد فإنه يخلق الحسنات وأول ما يعود وباله على صاحبه ثم قيل له لا يكون التيسير الإلهي من نعوت الحق إلا إذا ظهر الحق بصورة أهله فإن المنازع لله في إيجاد الممكن العدم الذاتي الذي للممكن فانظر ما يزيله والأمر الذاتي يحكم لنفسه فتعمل في الخروج من هذه الشبهة ثم قيل له خلق الله العالم أطوارا وكل طور يزهد في طوره ويذمه ويثني على ما سواه فما الذي دعا إلى ذلك وما الذي أفرح كل أحد بما عنده حتى منعه ذلك الفرح من الخروج عنه ثم قيل له الاقتداء شأن الرجال فاقتد بالله من كون الميزان في يده فإن فاتك هذا الاقتداء هلكت ثم قيل له الايمان برزخ بين إسلام وإحصان وهو الاستسلام فلهذا يكون الإسلام ولا إيمان ويكون الايمان ولا استسلام فالزم الاستسلام تفز بالجميع وما ثم برزخ لا يقوي قوة الطرفين إلا الايمان فكل برزخ فيه قوة الطرفين هو الايمان ثم قيل له ألحق المتأخر بالمتقدم فتسعد ولا تعكس الأمر ثم قيل له لا تبديل لخلق الله وخلق الله كلماته ولا تبديل لكلمات الله وإنما التبديل لله من كونه متكلما لا من كونه قائلا فإن ظهرت القولة بصورة الكلمة لم تبدل لكونها قولا لا من حيث إنها كلمة من الكلام ثم قيل له الحزاء بالخير حتم وبالشر في المشيئة ثم قيل له الاستناد إلى القوي حمى لا ينتهك فيرجع طالب انتهاكه خاسرا ثم قيل له النزول من العلو بإنزال وبغير إنزال فمن نزل من غير إنزال فهو محمود ومن نزل بإنزال فقد يحمد والخلافة أرفع الدرجات ولها العلو فمن خلع نفسه منها حمد وإن كان فيها ومن خلع منها فقد يحمد وهو بحسب ما بقع له
(٢٣٠)