إلى يوم النشور وهو الظهور الذي لا ضد له فيقابله الخفاء فمن معافي ومبتلى بحسب ما يحكم فيه من الأسماء إلى الأجل المسمى فتعم الرحمة التي وسعت كل شئ من الرحمن الذي استوى على العرش فتعم النعم العالم وتظهر أحكام الأسماء بالإضافات والمناسبات لا بالتقابل فيكون الأمر مثل قولهم حسنات الأبرار سيئات المقربين ونعيم الأدنى لو أعطى الأعلى بعد ذوقه النعيم الأعلى لتعذب بفقده لا بوجود النعيم الأدنى لعدم الرضاء به فهو عذاب مناسبة وإضافة لبقاء حكم الأسماء الإلهية دائما أرأيت صاحب منزلة عليا كسلطان أخرجه سلطان آخر من ملكه وولاة ملكا دون ملكه يأمر فيه وينهى ولكن إذا أضفته إلى ما كان فيه أولا وجدته ذا بلاء مع وجود المكانة من حيث ما هي ولاية وتحكم بأمر ونهي ولكن يعلم أن هذه المنزلة بالنظر إلى الأولى عذاب في حق من يحضر الأولى في خاطره فهذا القدر يبقى في الآخرة من حكم الأسماء إذ يستحيل رفعها من الوجود إذ كان لها البقاء الإلهي ببقاء المسمى ثم اعلم أن الظهور الذي نحن بصدده ينقسم الظاهر فيه إلى قسمين قسم له ظهوره خاصة وليس له أمر يعتمد عليه ظهوره من جانب الحق وقسم آخر يكون له من جانب الحق أمر يعتمد عليه وليس ذلك إلا للإنسان الكامل خاصة فإن له الظهور والاعتماد لكون الصورة الإلهية تحفظه حيث كان وغير الإنسان الكامل له الظهور من إنسان وحيوان ونبات وأفلاك وأملاك وغير ذلك فهذا كله نعم أظهرها الحق لينعم بها الإنسان الكامل فلها الظهور وما لها الاعتماد لأنها مقصودة لغير أعيانها والإنسان الكامل مقصود لعينه لأنه ظاهر الصورة الإلهية وهو الظاهر والباطن فليس عين ما ظهر بغير لعين ما بطن فافهم فهو الباقي ببقاء الله وما عداه فهو الباقي بإبقاء الله وحكم ما هو بالإبقاء يخالف حكم ما هو بالبقاء فما هو بالبقاء فله دوام العين وما هو بالإبقاء فله دوام الأمثال لا دوام العين حتى لا يزال المتنعم متنعما والنعم تتوالى عليه دائمة مستمرة وما أنشأ الله من كل شئ زوجين إلا ليعرف الله العالم بفضل نشأة الإنسان الكامل ليعلم أن فضله ليس بالجعل فإن الذي هو الإنسان الكامل ظهر به ازدواج من لا يقبل لذاته الازدواج وما هو بالجعل فضمن الوجود الإنسان الكامل الظاهر بصورة الحق فصار للصورة بالصورة زوجين فخلق آدم على صورته فظهر في الوجود صورتان متماثلتان كصورة الناظر في المرآة ما هي عينه ولا هي غيره لكن حقيقة الجسم الصقيل مع النظر من الناظر أعطى ما ظهر من الصورة ولهذا تختلف باختلاف المرآة لا بالناظر فالحكم في الصورة الأكبر لحضرة المجلى لا للمتجلي كذلك الصورة الإنسانية في حضرة الإمكان لما قبلت الصورة الإلهية لم تظهر على حكم المتجلي من جميع الوجوه فحكم عليها حضرة المجلى وهي الإمكان بخلاف حكم حضرة الواجب الوجود لنفسه فظهر المقدار والشكل الذي لا يقبله الواجب وهو الناظر في هذه المرآة فهو من حيث حقائقه كلها هو هو ومن حيث مقداره وشكله ما هو هو وإنما هو من أثر حضرة الإمكان فيه الذي هو في المرآة تنوع شكلها في نفسها ومقدارها في الكبر والصغر ولما كان الظاهر بالصورة لا يكون إلا في حال نظر الناظر الذي هو المتجلي لذلك نسب الصورة إلى محل الظهور وإلى النظر فكانت الصورة الظاهرة برزخية بين المحل والناظر ولكل واحد منهما أثر فيها يخرج منهما اللؤلؤ وهو ما كبر من الجوهر والمرجان وهو ما صغر منه وهو أثر الحضرة لا أثر الناظر فقال في زوجية ظهور الإنسان الكامل ليس كمثله شئ أي ليس مثل مثله شئ أي من هو مثل له بوجوده على صورته لا يقبل المثل أو لا يقبل الموجود على الصورة الإلهية المثال فعلى الأول نفي المثلية عن الحق من جميع الوجوه لما أثر المحل المتجلي فيه في الصورة الكائنة من الشكل والمقدار الذي لا يقبله المتجلي من حيث ما هو عليه في ذاته وإن ظهر به فذلك حكم عين الممكن في وجوده وعلى الآخر نفي المثلية عن الصورة التي ظهرت فلم يماثلها شئ من العالم من جميع وجوه المماثلة فلما كان من الصورة زوجان كان بالجعل من كل شئ خلقنا زوجين لأن الأصل قبل الزوجية فظهر حكمها في الفرع ولكن حكمها في الأصل يخالف حكمها في الفرع وهذه مسألة واحدة من مسائل هذا المنزل فلنذكر ما يتضمن من العلوم كما ذكرنا لسائر منازل هذا الكتاب فمن ذلك علم مراتب الأسماء وعلم الفهم في القرآن وعلم نطق كل شئ ومراتبه في البيان عن نفسه وعلم العدد وعلم اشتراك العالم فيما يشترك فيه من الصفات والمراتب وعلم الفرق بين العوالم واختلاف أحكام العدل لاختلاف المواطن والأعصار فما هو حق في شرع عاد باطلا في
(١٠٩)