حقق يعقلك إن فكرت مصدرنا * نفيا لنفي وإثباتا لإثبات من أعجب الأمر إني لم أزل أزلا * وإنني مع هذا محدث الذات قد كان ربك موجودا وما معه * شئ سواه ولا ماض ولا آت فبالمودة والرحمة طلب الكل جزأه والجزء كله فالتحما فظهر عن ذلك الالتحام أعيان الأبناء فصح لهم اسم الأبوة فأعطى وجود الأبناء حكما للآباء لم يكونوا عليه وهو الأبوة وليس الرب كذلك فإنه لم يزل ربا أزلا فإن الممكن في إمكانه لم يزل موصوفا بالإمكان سواء وجد الممكن أو اتصف بالعدم فإن النظر إليه لم يزل في حال عدمه وتقدم العدم للممكن على وجوده نعت أزلي فلم يزل مربوبا وإن لم يكن موجودا فهذا الفارق بين ما يجب لله وبين ما يجب للعبد من حيث الاسمية والمرتبة التي حدثت له بوجود الابن فالتحق النساء بالرجال في الأبوة ومن لحوق النساء بالرجال بل تقوم المرأة في بعض المواطن مقام رجلين إذ لا يقطع الحاكم بالحكم إلا بشهادة رجلين فقامت المرأة في بعض المواطن مقامهما وهو قبول الحاكم قولها في حيض العدة وقبول الزوج قولها في إن هذا ولده مع الاحتمال المتطرق إلى ذلك وقبول قولها إنها حائض فقد تنزلت ههنا منزلة شاهدين عدلين كما تنزل الرجل في شهادة الدين منزلة امرأتين فتداخلا في الحكم فناب الكثير مناب القليل * وناب القليل مناب الكثير فمن شاء ألحقه بالثرى * ومن شاء ألحقه بالأثير لولا كمال الصورة ما صحت الخلافة فمن طلبها وكل إليها ومن جاءته من غير طلب أعين عليها فالطالب مدع في القيام بحقها ومن طلب بها مستقيل منها لأنها أمانة ثقلت في السماوات والأرض وكل مدع ممتحن كانت هذه الصفة فيمن كانت لا أحاشي أحدا وامتحانه على صورة ما يدعيه وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا شهادة إلهية مقطوع بها فهذه منزلة من جاءته الخلافة من غير طلب والعناية من غير تعمل والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا دعوى موضع الامتحان لولا ما شفع فيه حالة المهد لعدم استحكام العقل فكان حكمه حكم يحيى وهو الأولى هذا إن كان منطقا غير متعقل ما ينطق به وإن تعقله فاستحكم عقله وتقوت آلائه في نفس الأمر وفي مشهود العادة عند الحاضرين هو خرق عادة فإن كان مأمورا بما نطق به فهو مخبر بما آتاه الله وأمر أن يخبر به فليس بمدع ولا طالب فخرا كما قال رسول الله ص أنا سيد ولد آدم ولا فخر بالراء وهو التبجح بالباطل فهذا معرف عن أمر إلهي فمثل هذا لا يمتحن ولا يختبر فإنه ليس بمدع وهذه كلها أحوال يشترك فيها النساء والرجال ويشتركان في جميع المراتب حتى في القطبية ولا يحجبك قول الرسول ص لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة فنحن نتكلم في تولية الله لا في تولية الناس والحديث جاء فيمن ولاة الناس ولو لم يرد إلا قول النبي ص في هذه المسألة إن النساء شقائق الرجال لكان فيه غنية أي كل ما يصح أن يناله الرجل من المقامات والمراتب والصفات يمكن أن يكون لمن شاء الله من النساء كما كان لمن شاء الله من الرجال ألا تنظر إلى حكمة الله تعالى فيما زاد للمرأة على الرجل في الاسم فقال في الرجل المرء وقال في الأنثى المرأة فزادها هاء في الوقف تاء في الوصل على اسم المرء للرجل فلها على الرجل درجة في هذا المقام ليس للمرء في مقابلة قوله وللرجال عليهن درجة فسد تلك الثلمة بهذه الزيادة في المرأة وكذلك ألف حبلى وهمزة حمراء وإن ذكرت تعليل الحق في إقامة المرأتين في الشهادة مقام الرجل الواحد بالنسيان في قوله إن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى والتذكر لا يكون إلا عن نسيان فقد أخبر الله تعالى عن آدم أنه نسي وقال ص فنسي آدم فنسيت ذريته فنسيان بني آدم ذرية عن نسيان آدم كما نحن ذريته وهو وصف إلهي منه صدر في العالم قال تعالى نسوا الله فنسيهم على إن الحق ما وصف إحدى المرأتين إلا بالحيرة فيما شهدت فيه ما وصفها بالنسيان والحيرة نصف النسيان لا كله ونسب النسيان على الكمال للرجل فقال فنسي ولم نجد له عزما فقد يمكن أن ينسى الرجل الشهادة رأسا ولا يتذكرها ولا يمكن أن تنسى إحدى المرأتين وهي المذكرة لا على التعيين فتذكر التي ضلت عما شهدت فيه فإن خبر الله صدق بلا شك وهو قد أخبر في هذه الآية أن إحداهما تذكر الأخرى فلا بد أن تكون
(٨٩)