له بالملك الاعتباري الذي يتسبب إليه بالوجود الانشائي كما مر مرارا، وسيأتي (1) إن شاء الله تعالى في شرح كلامه (قدس سره).
وعليه فليس بالنسبة إلى البطون اللاحقة ملك فعلي يمنع عن تصرف المالك بالفعل، ولا حق اعتباري مجعول من قبل الواقف، ولا من قبل الشارع، بل الموجود سبب إنشائي تام غير مؤثر في مالكية البطون اللاحقة، فلو كان مانع لكان هذا السبب التام من قبل الواقف مانعا عن تصرف المالك بالفعل، ولا موجب لمانعيته قبل حصول إضافة ملكية أو حقية للبطون اللاحقة.
نعم يمكن القول بالمنع من التصرف الناقل لعدم مقتض تام للمتصرف، لا لمانعية حق البطن اللاحق، توضيحه:
إن ملكية كل بطن إن كانت ملكية فعلية مرسلة مطلقة كانت مصححة للبيع الذي هو تمليك مرسل مطلق، وإن كانت ملكية محدودة مؤقتة فهي غير مصححة للتمليك المطلق المرسل، إذ ليس للبائع ما لا بد منه في تحقق البيع منه، وما يتصور في كون الملكية في كل طبقة مرسلة مطلقة وجهان:
أحدهما: أن الواقف حيث إنه ليس له إلا إضافة واحدة مرسلة، فليس له اعطاء إضافات مرسلة لكل طبقة، وبعد اعطائه للطبقة الأولى ما كان له فليس له اعطاء مماثلها للطبقة الأخرى وهكذا، إلا أن الشارع أعطاه ولاية مطلقة على التصرف في العين ابتداء، بأن يعطي الملكية المطلقة المرسلة للبطن الأول، ثم يعطيها للبطن الثاني وهكذا، كالملكية المرسلة المنتقلة بالإرث من واحد إلى الآخر وهكذا.
وفيه: أولا: أن ظاهر القوم - كما هو مختار المحققين - أن البطون اللاحقة يتلقون الملك من الواقف لا من البطن السابق، وهذا من باب التلقي من البطن السابق، غاية الأمر لا بإرث شرعي بقواعده، بل بإرث جعلي بإنشاء الواقف.
وثانيا: أن أدلة نفوذ الوقف لا تتكفل إلا نفوذ تصرف الواقف فيما يكون له، لا اعطاء الولاية على انشاء التوارث بما يشاء، فإنه أجنبي عن الولاية على ماله.