هذا المعنى متوقف حدوثا وبقاء على تحقق ملكية العين وبقائها، وتابع له في الانتقال.
وأما إذا فرض استقلال المنفعة في الملكية كما في الوقف، حيث إن منشأ انتزاع ملكية المنفعة تمليك الواقف لها استقلالا، فهي لم تكن تابعة لملك العين حتى يتبعها في أن تقال العين.
إذا عرفت ذلك نقول: إن بيع العين الموقوفة حيث لا يستتبع نقل المنافع فهو لغو، بل حيث إن حقيقة البيع تبديل مال بمال، والعين المجردة عن المنافع لا مالية لها، فلا يتحقق البيع أصلا إلا باشتراط نقل المنافع في ضمنه، حتى يخرج عن اللغوية ويكون بسبب الضميمة متعلقا بما له مالية، وإن كان في الحقيقة بيع ما معه المالية لا بيع ماله المالية، فصح دعوى أن بيع الوقف بما هو غير صحيح، هذا ملخص ما أفيد.
وفيه: أما ما أفيد في المقدمة الأولى من كون الوقف حقيقة مركبة، فيمكن أن يقال إن التعاريف الفقهية كما هو المرسوم من باب الرسوم غالبا، لا أنها حدود حقيقية، ومن البين أن لازم قصر العين ملكا على أحد تملك المنافع من دون قصر فيها، فإطلاق المنافع وتسبيلها لازم اختصاص الحبس الملكي بالعين.
ويشهد له إضافة الوقف بنفس العين، وكذلك مفهوم التصدق المذكور في باب الأوقاف، مع أنه مقتضى مفهوم الوقف، فإنه ليس إلا الحبس وما يساوقه مفهوما، وليس ما ينسب إليه إلا ما يطابق مفهومه الانشائي، ولذا كان " وقفت " من الألفاظ الصريحة دون غيرها.
وأما الاستشهاد باختلافهم في ملك العين واتفاقهم على ملك المنفعة أو جواز الانتفاع، ففيه: ما سيأتي إن شاء الله تعالى من أن محل الكلام في جواز البيع ما إذا كانت العين الموقوفة ملكا للموقوف عليه، وإلا فالبيع باطل لعدم الملك، لا لكونه وقفا غير طلق، ففيما لا تكون العين مملوكة لا تكون المنفعة مملوكة أيضا كالقناطر ونحوها، حتى يجدي في حصول ملك المنفعة بالاستقلال، وجواز الانتفاع للاختصاص الغير الملكي بالعين، فإن الوقف بمعناه العام لجميع الأقسام هو الحبس