لا يخفى عدم المجال لقياس ما نحن فيه ببيع من بان حرا أو ما بان خمرا، وذلك لأن من يرى أن البيع هو تمليك عين بعوض ليس له تصحيح بيع الحر والخمر، إذ لا يقبلان الملكية والنقل والانتقال، بخلاف ما نحن فيه حيث إن تمليكه وتملكه قابل عرفا وشرعا، فمجرد الاشتراك في عدم المالية بعد الافتراق في حصول الملكية تارة وعدمه أخرى لا يوجب الحاق ما نحن فيه في وضوح البطلان ببيع الحر والخمر، فتدبر.
- قوله (قدس سره): (مضافا إلى أن الأرش المستوعب... الخ) (1).
تعليل الاشكال في تصوره بعدم صدق تعريفه المبني على الغالب لا يخلو عن حزازة، وإنما الاشكال في تصوره وتعقله ما ذكره (قدس سره) في باب الخيارات، حيث قال (ولا يعقل أن يكون مستغرقا له، لأن المعيب إن لم يكن مما يتمول ويبذل في مقابله شئ من المال بطل بيعه، وإلا فلا بد أن يبقى له من الثمن قسط) (2)، وقال في آخر كلامه (وكيف كان فالعبد المتعلق برقبته حق للمجني عليه يستوعب قيمته إما أن يكون له قيمة تبذل بإزائه أو لا، وعلى الأول فلا بد أن يبقى شئ من الثمن للبائع بإزائه فلا يرجع بجميع الثمن عليه، وعلى الثاني فينبغي بطلان البيع) (3).
قلت: قد مر (4) مفصلا - في مسألة بيع العبد الجاني - أن الجناية - سواء كانت مجوزة للقصاص أو الاسترقاق - لا توجب خروج العبد عن ملك مالكه، ولا سقوطه عن المالية، ولا عدم قبوله لبذل المال بإزائه، ولا كونه متعلقا لحق مانع عن النقل والانتقال، بل الحكم بالقصاص والاسترقاق حكم باعدام المال لا هدر لماليته، وحكم بتملك المجني عليه لا اسقاط لماليته، أو نقل قهري إلى المجني عليه.
وبناء على هذا لا يكون الحكم بالأرش المستوعب بسبب الجناية الموجبة له