على لزوم معرفة المقدار بنفسها من دون ملاحظة الغرر فلا بد من جهة مصححة للبناء على اتباع الظن بالمقدار عرفا، ومن جهة مصححة للامضاء شرعا، فكون الاخبار المفيد للظن هو القدر المتيقن وإن كان موجبا للاقتصار على خصوص الاخبار المفيد للظن، والبناء من المتعاملين لا يجدي في معرفة المقدار اللازمة بنفسها، إلا أنه مساوق لحجيته شرعا ولوجود الملاك لحجيته عرفا، لا مجرد كونه بوجوده مجديا كما يجدي الكيل في معرفة وزن الموزون على ما سيجئ (1) إن شاء الله تعالى منه (قدس سره).
إلا أن يقال: إن معرفة المقدار بالمعنى الأعم من العلم والظن لها الموضوعية في مرحلة صحة المعاملة، لا أن كون المبيع متقدرا بمقدار خاص شرط صحة المعاملة، والعلم والظن طريق إليه، لوضوح أنه إذا باع بعنوان مقدار خاص من دون معرفته لا يصح البيع وإن كان في الواقع كذلك، وإذا كان مطلق معرفة المقدار جزء الموضوع عرفا فالخبر المفيد للظن لا يحتاج إلى مصحح لاتباعه عرفا، فكذا شرعا، فلا مانع من كون الحكم بلزوم مطلق المعرفة عرفا عن جهة مصححة لموضوعيته عرفا، وامضائه شرعا بملاك مصحح له، ومع ذلك لا يكون الخبر ذا ملاك عرفا وشرعا في كونه طريقا إلى معرفة المقدار.
وأما الشق الثاني: وهي كفاية البناء من المتعاملين في صحة البيع فتوضيحه: أن البناء على مقدار خاص إما بنحو التقييد، بحيث يقع البيع على المقيد بمقدار خاص، وإما بنحو التعليق فيكون البيع واقعا على تقدير كونه ذا مقدار خاص، وإما بنحو الالتزام بالمقدار في ضمن الالتزام المعاملي، فالأول هو الشرط الأصولي، والثاني هو الشرط النحوي، والثالث هو الشرط الفقهي، ولا ريب في أن الأول غير مراد هنا، إذ المبيع شخصي ولا يعقل التقييد والتضييق إلا في الكلي، مضافا إلى أن لازمه بطلان البيع عند ظهور عدم كونه متقدرا بذلك المقدار، مع أن الحكم المرتب عليه هو الخيار، كما أن الثاني - وإن كان معقولا، لامكان تعليق الفرد على شئ - إلا أن التعليق يوجب بطلان المعاملة، كما أن ظهور الخلاف يوجب عدم وقوع البيع لا الخيار، فلا