لأنا نقول: الغرض المعاملي على قسمين:
أحدهما: الغرض الشخصي لخصوص أحد المتعاملين كالكتابة فإنها وإن وقعت بنحو الاشتراط في ضمن المعاملة، إلا أن صحة المعاملة عرفا وشرعا غير منوطة به، فلا يوجب تخلفه إلا الخيار.
وثانيهما: الغرض المعاملي النوعي لنوع العقلاء، ولذا يعتبر في أصل صحة المعاملة عرفا وشرعا مثل التقدر بمقدار خاص على الفرض، فحال اشتراط المقدار الخاص حال اشتراط ذات المبيع، كما إذا قال " بعتك هذا على أن يكون حنطة "، فإن تخلف مثل هذا الشرط - الذي هو في الحقيقة مقوم للمبيع عرفا وشرعا - يوجب البطلان لا الخيار وإن أخذ بعنوان الشرط.
ومنه يعلم أن كل معنى كان معتبرا في صحة المعاملة في نفسها لا يجدي أخذه بعنوان الشرط لتصحيح المعاملة، وإن كان وجه اعتباره رفع الغرر، بل لا معنى في الحقيقة لأخذه بعنوان الشرط في ضمن المعاملة البيعية، لأن مورد الشرط ما كان له التبعية لا المقومية، فلو فرض عدم المضائقة في مقام الاثبات عن أخذه عنوانا أو بنحو الالتزام لم يكن له حكم الشرط الذي هو في الحقيقة تابع لا مقوم، ولذا لا يوجب تخلفه البطلان، بل يوجب الخيار، هذا ما يقتضيه النظر الدقيق.
مضافا إلى أن مجرد الاخبار وتعقيبه بالمعاملة لا يحقق البناء، بل لا بد من أخذه شرطا، فإنه تارة يقول " هذا من من الحنطة " ثم يقول " بعتك هذه الحنطة "، وأخرى يقول " بعتك هذه الحنطة على أن تكون منا "، والبناء المفيد عنده (قدس سره) إنما يتحقق بالثاني لا بمجرد المعاملة اعتمادا على الاخبار، مع أن الترديد الذي أفيد إنما يفيد لو كان المدرك أحد الأمرين بنحو منع الخلو، وأما إذا كان كلا الأمرين محققا فاختلاف مقتضاهما سعة وضيقا لا يجدي في الحكم بصحة المعاملة، فإن لا اقتضائية مدرك نفي الغرر يجامع اقتضاء اخبار التقدير بالكيل والوزن، لبطلان المعاملة مع عدم الوثوق، سواء كان هناك بناء أو لم يكن، بداهة أن البناء لا يحقق معرفة المقدار اللازمة بالاخبار، فتدبر جيدا.