تحقق الوقفية بهذا المعنى بمجرد المبادلة البيعية من دون حاجة إلى اجراء صيغة الوقف، لأنه من تحصيل الحاصل، نعم ترتب الآثار بأدلتها تابع لاستفادة كونها آثارا لما هو وقف بالحمل الشائع بما هو، أو كونها آثارا لما هو وقف بالانشاء الوقفي.
وإن كان الوقف حبسا متضمنا للتمليك أحيانا فما يحصل بالبيع نفس التمليك المتدرج للطبقات من دون حصول عنوان الحبس فلا بد من إنشائه بالصيغة، والظاهر من المصنف (رضي الله عنه) - حيث لم يترتب عليه أحكام الوقف - اختيار الشق الثاني، وأن الملكية التدريجية لا تتوقف على الصيغة، لا تحقق عنوان للوقفية المطلقة وأنه يترتب عليه بمجرد البيع أحكام الملكية للبطون، وملاحظة ما هو أصلح بحالهم من دون مراعاة غرض الواقف في ذلك، فتدبر جيدا.
فإن قلت: إذا كان البيع لمراعاة الحقوق الثلاثة وحفظ الوقف، فكيف يسوغ البيع الذي لا يترتب عليه الآثار المزبورة.
قلت: البيع لما ذكر غير مناف للزوم اجراء الصيغة، فيجب البيع مقدمة لرعاية الحقوق وحفظ الوقف كما يريده الواقف منضما إلى اجراء صيغة الوقف، إلا أن العجب من المصنف (رضي الله عنه) - مع أنه يجوز البيع لمراعاة الحقوق - كيف لا يوجب اجراء الصيغة، ويجوز ترتيب آثار ملكية البطون ولو لم يكن فيه رعاية غرض الواقف.
نعم من يرى - كشيخنا الأستاذ (1) - وقفية البدل في المرتبة الثانية من الغرض فهو يقول بترتيب آثار الوقف من دون حاجة إلى إجراء صيغة الوقف، إلا أنك قد عرفت (2) عدم تماميته.
والتحقيق: أن الوقف هو حبس العين ملكا لا التمليك المتدرج فقط، والبيع ليس كما أفاده في صدر البحث مبطلا للوقف بالكلية ومحققا للملكية التدريجية المحضة، بل المبادلة البيعية وهو جعل شي بإزاء شئ يختلف باختلاف المقامات، ففي مثل بيع ما انعتق عليه يكون الثمن للمشتري لعدم المانع، وينعتق المبيع بمجرد قطع