وإن لم يكن مع المدعي لوث فالقول قول المدعى عليه، فإن حلف برئ، و إن لم يحلف رددنا اليمين على المدعي فيحلف، فإذا حلف قتلناه لأنها يمين المدعي مع نكول المدعى عليه فقامت مقام البينة أو اعتراف المدعى عليه.
ويفارق هذا يمين المدعي مع اللوث لأنها لا يحل محلها، فلهذا لم يقتل من لم يقل بالقود وجملته أن حكم السفيه في هذا الفصل وحكم غير السفيه سواء حرفا بحرف.
وإن كانت الدعوى قتل الخطأ أو عمد الخطأ فإن كان مع المدعي لوث حلف خمسين يمينا، وإن كان معه شاهد حلف يمينا واحدة واستحق الدية، وإن لم يكن مع المدعي لوث ولا شاهد لم يخل المدعى عليه من أحد أمرين إما أن يقر أو ينكر فإن أقر لم يلزمه ذلك لأنه أقر بمال، وإقراره بالمال لا يقبل منه، وكذلك ما يقر به من الديون والمعاملات لا يقبل عنه، لأنه يسقط معنى الحجر، فلهذا لم يقبل منه فيما لم يلزمه فأما فيما بينه وبين الله عز وجل ينظر فيه فكلما لو ثبت عليه بالبينة غرمناه في الحكم، فإذا أقر به لزمه فيما بينه وبين الله كإتلاف نفس أو مال، وإن كان مما لو قامت به البينة لم يغرمه فكذلك إذا أقر به لا يلزمه فيما بينه وبين الله كالديون والبيوع والمعاملات.
والفصل بينهما أن الحق بالإتلاف يلزمه بغير رضى من له الحق، فلزمه فيما بينه وبين الله، والدين برضى من له الدين فصاحب الحق فرط في حق نفسه، فلهذا لم يلزمه فيما بينه وبين الله.
هذا إذا أقر فأما إن أنكر هذا المدعى عليه فإما أن يحلف أو ينكل، فإن حلف سقط حق المدعي وإن نكل فهل يرد اليمين على المدعي أم لا؟ على قولين بناء على يمين المدعي مع نكول المدعى عليه، فإنها على قولين أحدهما كالبينة على المدعى عليه، والثاني كاعترافه: فإذا قلنا يحل محل البينة حلف المدعي وإذا قيل كاعتراف المدعى عليه لم نرد اليمين على المدعي لأنه لو اعترف المدعى عليه لم يلزمه، فلا معنى لردها على المدعي.