٤ - وان الانضباطية - خصوصا حين يكون القائد حكيما، فكيف إذا كان نبيا - هي أساس النجاح. ولربما تكون مخالفة أفراد معدودين، سببا في دمار جيش بكامله، كما كان الحال في قضية أحد.
٥ - كما أن عناية الله تعالى بهم، وتسديده لهم، لا يعني الغاء جميع الأسباب الطبيعية كلية، كما لا يعني أن هذه العناية، وذلك الامداد مطلق غير مشروط، بل هو مشروط قطعا بالسعي من قبلهم نحو الهدف الأسمى، والبذل والتضحيات التي تؤهلهم لان يكونوا موضعا لعنايات الله وألطافه، (ان تنصروا الله ينصركم، ويثبت أقدامكم).
أو على الأقل لابد لاستمرار هذه العناية الإلهية من حفظ الحد الأدنى من الارتباط بالقيادة، وتنفيذ أوامرها. والا لم يكن لهذه المواقف والحرب أثرها النفسي، والاجتماعي، والتربوي المطلوب.
٦ - قد ظهر مما تقدم: أن الذين تركوا مراكزهم قد ظنوا - أو ظن بعضهم -: أن رسول الله (ص) سيغل، أي يخونهم، فلا يقسم لهم. وهذا يدل على أن من بين هؤلاء من لم يكن على درجة حسنة من المعرفة والوعي، ولربما الايمان أيضا. ولو كان كذلك، فلا أقل من أن أخلاقياته وروحياته، بما في ذلك الاعراض عن الدنيا والايثار، لم تكن بالمستوى المطلوب، ان لم نقل: انه منافق يظهر الايمان لأجل مصالح يراها، ويبطن الكفر.
ولعل الآية تشير إلى ظنهم السئ هذا، وتقرعهم عليه بأنه: ﴿ما كان لنبي أن يغل، ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة﴾ (1).