منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٤٦٣
كون الطبيعة المدخولة للنفي هي المطلقة - لا المقيدة - الا بمقدمات الحكمة، إذ بدونها يحتمل ورود النفي على كل من المطلق والمقيد.
وأما الثاني وهو الدفع، فحاصله: أن الظاهر من ورود النفي أو اللفظ المفيد للعموم على مفهوم هو كون ذلك المفهوم بنفسه موردا لأحدهما، لا أنه جعل مشيرا إلى ما هو المورد. وعليه، فقوله: (أكرم كل عالم) يقتضي استيعاب تمام الافراد، كما يقتضي ورود النفي عليه نفي تمام الافراد.
ومجرد إمكان كون المفهوم معرفا لفرد خاص منه، كإرادة فرد خاص من مفهوم (رجل في قوله: (لا رجل في الدار) وورود النفي عليه لا يوجب رفع اليد عن الظاهر، وهو كون المفهوم بنفسه موردا للنفي.
ودعوى أنه - بناء على هذا الظهور - لا حاجة إلى مقدمات الحكمة في الحكم الايجابي أيضا، وذلك لان ظاهر القضية المتضمنة لتعلق الايجاب بالطبيعة تعلق الحكم بنفس الطبيعة السارية في كل فرد، و هذا هو العموم، فلا حاجة في فهمه من القضية الايجابية أيضا إلى مقدمات الحكمة (غير مسموعة) لان الطبيعة المهملة تصدق على فرد خاص حقيقة، ودلالتها على سريان الحكم إلى تمام الافراد مما لا يقتضيه وضع اللفظ، بل هي منوطة بمقدمات الحكمة، فقوله:
(أكرم عالما) لا يدل على وجوب إكرام جميع أفراد طبيعة العالم بالوضع، فدلالته على ذلك محتاجة إلى مقدمات الحكمة. وهذا بخلاف النفي المتعلق بالطبيعة المهملة، ضرورة أن نفيها يتوقف عقلا على انعدام جميع أفرادها، إذ لو فرض صدق نفي الطبيعة مع وجود فرد منها لزم اجتماع النقيضين، وهما وجود الطبيعة وعدمها.