منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٤٦٧
وللخصوص كثير الفائدة كي يتعين الوضع له، دون العموم. لكنه لا يخلو من الغموض، لان إرادة العموم لا تنافي تيقن إرادة الخصوص، لما مر في التوضيح من أن الخصوص متيقن الإرادة، اما لاستعمال اللفظ فيه، واما لكونه بعض العموم، فيكون مرادا في ضمنه.
فالأولى أن يوجه عدم كون تيقن إرادة الخصوص مقتضيا لاختصاص الوضع به، بأن التيقن المزبور ان كان لأجل استعمال اللفظ في الخصوص، فلا يدل على وضعه له، وعلى كونه معنى حقيقيا له، لان الاستعمال أعم من الحقيقة.
وان كان لأجل كونه بعض العام، وأن الدلالة عليه تكون تضمنية، فعدم كشف تيقنه عن الوضع أوضح من سابقه، لان اللفظ حينئذ قد استعمل في العموم، وليس الخصوص مستعملا فيه حتى يمكن أن يقال: (ان الأصل في الاستعمال الحقيقة) وان كان فيه ما لا يخفى من أنه أعم من الحقيقة كما ثبت في محله.
وبالجملة، فلا ملازمة بين تيقن إرادة الخصوص، وبين وضع اللفظ له، فالاستدلال بهذا التيقن على الوضع للخصوص غير سديد.
هذا كله مضافا إلى إمكان المناقشة في أصل التيقن المزبور بدعوى التضاد بين العموم والخصوص، وأنهما خصوصيتان متضادتان، و أن العموم ليس أمرا عدميا حتى تصح دعوى تيقن الخصوص، ونفي العموم بالأصل، فتيقن الخصوص غير معلوم، لاحتياجه إلى اللحاظ، و كذا العموم، فيعلم إجمالا بوضع اللفظ للعموم أو الخصوص، ولا معين لأحدهما، فتأمل جيدا.