منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٣٥٩
وكما لا وجه أيضا لرفع اليد عن ظهور كل من الشرطين في السببية المستقلة وجعل كل منهما جز السبب، كما هو قضية الوجه الثالث، و ذلك لكون كل من الشرطيتين نصا في ترتب التالي على المقدم ولو في مورد واحد، فلا مجال لجعل كل من الشرطين جز السبب.
فالنتيجة: أن الأظهر هو الوجه الأول، أعني: كون كل من الشرطين عدلا للاخر، فتدبر.
ثم إن هناك وجها خامسا، وهو ما ذكره الحلي (ره) قال في السرائر ص 74 ما لفظه: (وابتداء وجوبالتقصير على المسافرين (المسافر) ظاهر من حيث يغيب عنه أذان مصره المتوسط، أو يتوارى عنه جدران مدينته، والاعتماد عندي على الاذان المتوسط دون الجدران).
وجعله في التقريرات رابع الوجوه، وحاصله: رفع اليد عن إحدى الجملتين رأسا، وجعلها كالعدم، وحفظ الأخرى منطوقا ومفهوما، و لذا جعل المدار في وجوب القصر على خفاء الاذان فقط، وأسقط خفاء الجدران عن التأثير رأسا.
وفيه: أن إلغاء أحدهما المعين ترجيح بلا مرجح، مع أن لازمه لغوية الاخر رأسا من دون موجب له، مع إمكان الجمع العرفي بينهما. الا أن يقال بأمارية خفاء الجدران على خفاء الاذان، لكنه ليس جمعا عرفيا، ومجرد إمكانه الثبوتي لا يجدي في إثباته، كما لا يخفى.
الا أن يدعى أن خفاء الاذان يتحقق دائما قبل خفاء الجدران.