منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ١٥٢
فالوجوب غيري، وكلتاهما مفقودتان في الخروج المفروض في المقام.
أما الأول، فلتوقف مصلحته النفسية على انطباق عنوان حسن شرعا عليه، والعنوان المتصور انطباقه على الخروج ليس الا التخلص عن الغصب الموجب لكونه ذا مصلحة نفسية، وواجبا نفسيا، وذلك لا يصلح لجعل الخروج معنونا بهذا العنوان، حيث إن التخلص عن الغصب عبارة عن تركه المتحقق بانتهاء الحركة الخروجية إلى الكون في خارج المغصوب، فليس الخروج بنفسه معنونا بعنوان التخلص و مصداقا له حتى يكون ذا مصلحة نفسية وواجبا نفسيا.
وبالجملة: فليس الخروج مصداقا للتخلص حتى يكون محبوبا و واجبا، بل هو مصداق للغصب المبغوض المحرم، فما عن تقرير بحث شيخنا الأعظم (قده) (من كون الخروج محبوبا ومطلوبا لأنه تخلص) لا يخلو من الغموض.
وأما الثاني، فلعدم كون الحركات الخروجية مقدمة للتخلية الواجبة التي هي إفراغ المكان عن التصرف العدواني فيه حتى تتصف بالوجوب المقدمي، بل الحركات الخروجية مقدمة للكون في خارج المكان المغصوب، وهو ليس بواجب، بل ملازم للواجب أعني التخلية.
والحاصل: أن الخروج مقدمة لملازم التخلية الواجبة - وهو الكون في المكان المباح - لا مقدمة لنفس الواجب حتى يجب لأجل المقدمية.
فالخروج ليس بواجب لا نفسيا ولا مقدميا، بل هو باق على المبغوضية، فيعاقب عليه، لكون الاضطرار إليه بسوء الاختيار وان ارتفعت حرمته بالاضطرار. فالقول بوجوب الخروج نفسيا لانطباق عنوان التخلص الواجب عليه، أو مقدميا، لكونه مقدمة للتخلص في غاية الضعف. نعم يرشد العقل إلى اختيار الخروج دفعا للأفسد - وهو الغصب الزائد على الخروج - بالفاسد، وهو الغصب بمقدار الخروج، فما في المتن من عدم كون الخروج مأمورا به في غاية المتانة.